|
الحمد لله رب العالمين، الحي القيوم، خالق الموت والحياة.. وجعل لآجال الناس كتابًا {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَآخرون سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.. ونحمده تعالى على قضائه وقدره.. ونشكره ونثني عليه أن جعلنا من المسلمين الذين إذا اشتد عليهم أمر قالوا: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، وإذا امتحنهم الله بمصيبة يلهمهم عزّ وجلّ بقوله: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إليه رَاجِعونَ}.
ومع إيماننا المطلق بأن الموت حق إلا أن خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد يرحمه الله،كان ولا شك خبرًا مؤلمًا وحادًا وعاصرًا للقلوب.. كان خبرًا مفجعًا.. محزنًا.. تلقيناه نحن أبناء هذا البلد الطاهر مع ساعات الفجر الحزين.. ولم يكن يدر بخلد أي أحد منّا.. ولم نكن نتوقعه.. حتى نزل علينا كالصاعقة.. فسبحان مغير الأحوال ومقدر الأجيال..
كان ولي العهد رحمه الله منذ صغره أميرًا في مقامه..أميرًا في أعماله وإنجازاته.. أميرًا في خلقه وفي كرمه.. وفي أدبه.. وفي سماحته.. وفي حبه للناس.. وحب الناس له.. وفي عطفه على الفقراء.. ومد يده البيضاء الكريمة للمحتاجين والمعوزين والمنكوبين في داخل الوطن وفي خارجه.. كل شبر من ثرى هذا الوطن الغالي يتحدث عمّا قدمه الأمير سلطان -رحمه الله- لخدمة وطنه، وما حققه من الإنجازات أشبه بالمعجزات الخالدات لشعبه وبلاده من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها..
وكيف كان الخيمة الخيّرة التي تظلل سماء الوطن وتدفع عنه كل شر وتزود عن حياضه كل سوء.. يعرفه العالم أجمع.. يؤمن بحنكته وحكمته وثاقب بصيرته وصوابية رأيه وسعيه للسلام والحب والوئام والإنسانية والتعاون بين شعوب الأرض ليعم الرخاء والتقدم وتفهم شعوب الأرض بالسلام والمحبة..
ابتسامته - رحمه الله - كانت تسبقه وتقدمه كعنوان للإنسانية والتسامح وصفاء وطهارة القلب ولهذا كانت تثبت في الأذهان وتعلق بالقلوب.. لأنه لا يرى منه غيرها ووجهه المشرق كان يقابل به القريب والبعيد.. حياه الله بنور يسبق مصافحته للقادم إليه والمتحدث معه.. وهذا توفيق من البارئ.. نسأله أن يكون دليلاً على رضاه عزّ وجلّ..
وهذه المناسبة الحزينة وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره أتقدم بخالص العزاء إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدا لله بن عبد العزيز -حفظه الله- وإلى سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز وإلى الأسرة الملكية الكريمة وإلى أبناء الشعب السعودي الأبي وإلى الأمتين العربية والإسلامية..
إن الحزن على رحيل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد -رحمه الله - يعتصر القلوب ولكننا لا نملك إلا أن نقول: الحمد الله على ما قضى.. والحمد الله على ما أفضى ونبتهل إلى العلي القدير أن يجزيه الجزاء الحسن على خير ما قدم وأن يتغمده بعفوه وغفرانه ويشمله برحمته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته ويجعل اجتماعنا به في دار كرامته.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إليه رَاجِعونَ}.
رئيس مجلس إدارة مؤسسة حجاج دول جنوب شرق آسيا