|
يحتفل شعب تركمانستان بالذكرى السنوية 20 (عشرين) لاستقلال بلاده، حيث تحقق في اليوم السابع والعشرين من شهر أكتوبر لعام 1991م حلم يراود أهالي تركمانستان جيلاً إثر جيل لأجل الحرية والاستقلال، ففي ذلك اليوم أصبحت تركمانستان دولة ديمقراطية ذات سيادة.
تقوم السياسة الخارجية لبلادنا على أساس السلم والمساواة واحترام سيادة الدول وحقها في اتخاذ مسارها التنموي الخاص بها. وعلى مدى 20 عاماً من التعاون الفعال مع الأمم المتحدة، تمكّنت تركمانستان من أن تتبوأ موقعها في النظام الدولي، كما أنها من خلال التفاعل مع المجتمع الدولي اكتسبت خبرة واسعة في بناء العلاقات التي تقوم على أساس التناغم والانسجام والمساواة والاحترام مع الدول الأخرى.
إن التعاون مع الأمم المتحدة يمثل عاملاً حاسماً في سياستنا الخارجية. وفي هذا السياق يجمل نود التنويه بأن تركمانستان شهدت في اليوم العاشر من شهر ديسمبر من عام 2007م افتتاح مركز الأمم المتحدة الإقليمية للدبلوماسية الوقائية بمنطقة آسيا الوسطى، حيث يعد ذلك بمثابة خطوة نوعية جديدة في بلادنا ولدى جيراننا لترسيخ دعائم السلام والاستقرار في المنطقة.
تحتل تركمانستان موقعاً مرموقاً في نظام الطاقة العالمي بصفتها إحدى الدول الرئيسية المنتجة للنفط والغاز. وفي هذا السياق تتخذ تركمانستان موقعاً يتسم بدرجة عالية من الشعور بالمسؤولية لأجل تطوير التعاون الدولي على أساس خدمة مصالحها الوطنية وتلبية احتياجات شركائها العالميين. وعليه فإن سياستها في هذا الصدد قد استهدفت تنويع إمدادات المواد الكربوهيتدراتية بالأولوية لضمان أمن الطاقة بحسبانه عنصراً مهماً، وذلك بتوجيه من فخامة الرئيس قربان قولي بردي محمدوف. من الواضح، من أجل تطوير نظام فعال ومستدام للطاقة العالمي تحتاج إلى استثمارات كبيرة ويجيب توجيه جزء كبير منها إلى وسائل النقل للمواد الهيدروكربونية، فضلا عن حماية البنية التحتية للطاقة.
في هذا الصدد خلال الجلسة الـ65 للجمعية العامة للأمم المتحدة تركمانستان دعت إلى إنشاء فريق خبراء الأمم المتحدة لوضع آلية عالمية لضمان العبور الآمن وتأمين موارد الطاقة إلى الأسواق العالمية، وفي المستقبل تكوين هيئة خاصة - مجلس الطاقة للأمم المتحدة لتوفير تنسيق السياسي والطرائق التنظيمية لمناقشة ومنهجية مهنية لجميع القضايا المعقدة من مشاكل الطاقة.
وقد حرصت تركمانستان على أن تلعب دور الشريك السياسي والاقتصادي الذي يمكن الاعتماد عليه والوثوق به، وذلك وفقاً لفَهم واضح للارتباط الذي لا فكاك منه بين المشاريع الاستثمارية الضخمة وأمن المنطقة واستقرارها. وقد تجسَّد ذلك في المقام الأول في الإدارة السياسية لقيادة الدولة وإدراكها للأهمية القصوى للسياسة الاستثمارية الناجحة ودورها في تحديث الدولة والارتقاء بها. ولكي تكون الدولة جاذبة للاستثمارات لا بد من توافر عوامل من قبيل الاستقرار السياسي المستديم والنمو الاقتصادي الثابت وأسعار صرف العملة المجزية، فضلاً عن وجود قاعدة قوية من الموارد اللازمة. وقد توافرت جميع العناصر المتقدم ذكرها في عشق أباد لإيجاد بيئة مريحة للمستثمرين من حيث السكن والعمل، كما تم توفير ذلك في المدن الأخرى التي تشهد تحديثاً مستمراً لمشاريع البنى التحتية المتقدمة بما في ذلك الفنادق الفخمة ووسائل الاتصالات الحديثة والشوارع الجديدة وسبل النقل والمراكز الطبية.
في سبتمبر 2011م شارك وفد تركمانستان برئاسة فخامة الرئيس قوربان قولي بيردي محمدوف في الـ66 دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ألقى فخامة الرئيس كلمة من منبر الأمم المتحدة بجانب قادة دول أخرى. وفي خطاب فخامة الرئيس قربان قولى بيردي محمدوف اقترح مبادرات دولية جديدة لتركمانستان التي تهدف إلى تعزيز السلام والأمن والتنمية المستدامة في البعد الإقليمي والعالمي، وأكد استعداد الجانب التركماني لتعزيز وتقوية التعاون الشامل. على وجه الخصوص، خلال الدورة الـ66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، اقترحت تركمانستان عددا من المبادرات الهامة.
ومنذ استقلال تركمانستان نشأت علاقات ودية بينها وبين المملكة العربية السعودية تميزت بالثقة المتبادلة والنجاح الذي يُظهر علاقة الصداقة والتفاهم العميق بين قادة البلدين.
وقد كانت زيارة وزير الخارجية السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل إلى عشق أباد في 22 فبراير 1992م الخطوة الأولى نحو إقامة علاقات ثنائية بين المملكة العربية السعودية وتركمانستان، وقد تم خلال الزيارة توقيع إعلان مشترك لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وكانت الخطوة التالية لتطبيق هذا الاتفاق هي افتتاح سفارة المملكة العربية السعودية في عشق أباد في مايو 1997م، وكانت أول تمثيل دبلوماسي عربي في تركمانستان. وقد ازدهرت علاقات التعاون والشراكة بين البلدين بفضل علاقتهما الراسخة المتينة.
وتوجت هذه العلاقات بأول زيارة حكومية قام بها فخامة الرئيس قربان قولي بيردي محمدوف للمملكة في أبريل 2007م، تم خلالها توقيع اتفاقية عامة للتعاون بين البلدين في كافة المجالات.
وخلال الزيارة كان لقاء فخامة الرئيس مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث ناقش الزعيمان الوضع الراهن وسبل تعميق التعاون بين البلدين في شتى المجالات. مشيراً إلى المستوى المرتفع الذي تحقق على مدى السنوات الماضية والتعاون الاقتصادي، وأيضاً أعرب الطرفان عن رغبتهما في تطوير التعاون في المجال الإنساني. واعترافاً بالخدمات البارزة في تعزيز وتطوير التعاون بين تركمانستان والمملكة العربية السعودية قدَّم الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة لفخامة الرئيس تركمانستان أعلى جائزة لبلاده (وسام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود).
وخلال هذه الزيارة تم الاتفاق على إقامة سفارة لتركمانستان في المملكة، التي باشرت مهامها في أبريل 2008م، حيث كان عاملاً لتعزيز فعالية العلاقات السعودية التركمانية في مختلف المجالات. كما تم توقيع اتفاقية عامة للتعاون بين البلدين في كافة المجالات واتفاق تعاون بين غرف التجارة في البلدين.
وكان عقد أيام الثقافة التركمانية في المملكة العربية السعودية واحدة من الأحداث المهمة في تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين، في شهر مايو 2009م في مدينتي الرياض وجدة، شارك فيها فنانو الأداء من الأغاني الشعبية والموسيقية وفرق الرقص والفنانون والسينمائيون والفنانون المسرحيون وممثلو وسائل الإعلام.
مثال آخر على مثل هذا التعاون كان عقد أيام الثقافة المملكة في شهر يناير2011م في تركمانستان. وبدأت الأنشطة الثقافية بمبادرة قادة البلدين الشقيقين - فخامة الرئيس قربان قولي بيردي محمدوف رئيس تركمانستان وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله وذلك أصبحت دليلاً واضحاً على علاقات الصداقة المتنامية وفتحت آفاق جديدة للعلاقات الثقافية المثمرة بين تركمانستان والمملكة العربية السعودية.
وبالإضافة إلى ذلك، من أجل تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين تركمانستان والمملكة عُقدت اجتماعات الدورة الأولى للجنة التركمانية السعودية المشتركة حول التعاون التجاري والاقتصادي في الرياض في يومي 18-19 يناير 2011م. وفي نتيجة هذا الاجتماع قد وقع الجانبان على البروتوكول الذي يحدد طرق محددة ومزيد من التعاون في مختلف المجالات بين البلدين الصديقين وذلك خصوصاً في قطاع النقل، التعليم والثقافة، السياحة والرياضة ومجال التجارة والاقتصاد.
ولمزيد من تطوير التعاون التجاري والاقتصادي كان عقد معرضاً للمنتجات تركمانستان في الفترة من 28-30 مارس 2011 في الرياض. وهذا المعرض استأثر باهتمام كبير في أوساط مجتمع رجال الأعمال المحلي. على وجه الخصوص، اهتم رجال الأعمال بفرص التصدير في بلادنا، وتم مناقشة المقترحات وآفاق التعاون الثنائي. في إطار المعرض تم عقد عدد من الاجتماعات والمشاورات بشأن تحسين التعاون والبحث عن أشكال جديدة لتبادل الخبرات، وتمت موافقة ممثلي الشركات المهتمة على إجراء مفاوضات محددة مع المنتجين التركمان.
وأود في هذه الفرصة العزيزة التأكيد على عمق علاقات التعاون والصداقة بين بلدينا لمصلحة شعبينا تحت القيادة الرشيدة لبلدينا. وأود كذلك التعبير عن أمنياتي بالسلام والرخاء والرفاهية لشعب المملكة العربية السعودية الشقيق.
السفير فوق العادة ومفوض سفير تركمانستان لدى المملكة العربية السعودية