لا أعرف كيف اكتب ومن أين أبدأ؟ فالقلم حزين والوطن في مصاب جلل ولكنني أقول أيها الوطن الغالي أحسن الله عزاءك فأنت فقدت عزيزاً غالياً عليك وعلينا، رجل اسمه سلطان، أحبك وأحببته رسمت معه حكاية الوفاء والحب والعطاء حتى صباح يوم السبت 24 من شهر ذي القعدة لعام 1432هـ ليعلن الديوان الملكي وفاة ونعي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رجل السياسة والإدارة والجيش وقبل هذا رجل الجود والكرم والسخاء وهو مدرسة في البذل والعطاء بلا حدود، عطاء من لا يخشى الفقر... أمير اقترب من الفقراء والمحتاجين والمعاقين... فكم جلب السعادة بعد الله لبيوتهم وكم جادت يديه ومسح دمعة المساكين والضعفاء... كم داعب أطفالهم بالابتسامة والعطف والحنان... أمير لم تشغله مناصبه وهمومه عن التواصل مع المرضى والمعوزين والمعاقين وكان بابه مفتوحاً للجميع وكل من ولج هذا الباب كان يخرج راضياً قرير العين... وهذا ليس غريباً فهو في ضيافة سلطان الخير الأب الثاني لشعبنا السعودي... إن سلطان الإنسان كان همه وغايته سعادة هذا المواطن ورضاه وتسهيل كل متطلباته... وقد زرعت محبة الأمير في قلوب شعبه... وأحب رسمه واسمه وأصبح يبادله المشاعر والأحاسيس... وكان هذا واضحاً من خلال فرحته ونشوته بعودته سالماً معافى من رحلته العلاجية.
لذا جاء خبر الوفاة قاسياً على نفوس شعبه وهو لا يلام فالنفوس جبلت على محبة من يحسن إليها وهكذا أراد المولى عز وجل ولا راد لقضائه مات سلطان فماتت الابتسامة التي لا تفارقه وكأننا نرى شمس الوطن تذبل وسحابة الخير تودع... وذرفت الدموع وعاش الأهالي أيام الأسى والحزن ولبس الوطن ثوب العزاء... وعرف الجميع أن العظماء من الرجال لا يكون رحيلهم عادياً فكيف بنا ونحن أمام قامة اسمها سلطان بن عبدالعزيز له أياد بيضاء لا تعبث ولا تدمر ولا تلوث ولكنها متخصصة في محاربة الفقر ومعالجة المرضى بكل ما أوتيت من قوة وعيون تبحث عن الضعفاء والمحتاجين وتدعمهم بما تستطيع.
إن فكرة هذا الأمير رحمه الله هو مواساة جميع المصابين من جراء الكوارث البيئية والمجاعات وضحايا الفيضانات والزلازل.. في كل الدول العربية والإسلامية بل والصديقة، سياسته في البذل والعطاء لا تعرف الحدود الجغرافية.
هذا ولقد انطلق ليؤسس مؤسسة سلطان الخيرية تحت إدارة أبنائه وكبار المستشارين لتكون مؤسسة تحمل في جوانبها شعار السعادة للآخرين استفاد منها آلاف الأشخاص وتضم مستشفى يعني بذوي الحالات الخاصة والنقاهة... لقد خفف على المرضى ورسم السعادة والأمل أمامهم ولا سيما ذوي الإعاقات.. وكانت هذه المؤسسة الخيرية رافداً وشريكاً في مساعدة الجمعيات الخيرية على مستوى الوطن. سلطان العطاء اسم داعم لمعظم مشاريع الوطن الخاصة فهو لا يألو جهداً في المساهمة والمشاركة والتشجيع بل والحضور أحياناً لافتتاح مشروع يخدم الوطن هنا أو هناك بالرغم من مهماته الجسام العسكرية والسياسية.
أما الجيش السعودي فهو عشقه الأول وهو الباني والمطور لجيشنا السعودي في عصره الحديث وكان همه الأول تطوير الرجال بالتدريب والسلاح بكل جديد حباً منه رحمه الله في حماية الوطن الغالي المملكة العربية السعودية... وقد كان دائماً يقف على مسافة قريبة من جنده وقد عودنا في سنوات سابقة برحلاته المكوكية في زيارات المدن العسكرية العملاقة ومراكز الدفاع والطيران وهو ينقل تهاني القيادة والحكومة الرشيدة بمناسبة الأعياد إلى أبنائه العسكريين (جنودنا البواسل) ويتفقد أحوالهم ويستمع إلى آرائهم ومطالبهم ويشد من عزائمهم وكم كانوا يترقبون هذه الزيارة... ولكنهم اليوم يشاركون شعبهم السعودي أيام الأسى والحزن في فقيد الوطن الأمير سلطان الذي ودعنا وهو قد ترك بصمة إيجابية في كل مجال مر به أو منصب تولاه أو عمل أوكل إليه من عهد والده المغفور له الملك عبدالعزيز إلى عهد خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز ألبسه الله ثوب الصحة والعافية...
وقبل الختام أتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين وإلى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وإلى أصحاب السمو الملكي الأمراء وإلى أبناء الفقيد وبناته، وإلى جميع أفراد الأسرة الحاكمة وإلى الشعب السعودي والأمة الإسلامية والعربية بخالص العزاء والمواساة راجين من الله أن يتغمده برحمته ويغفر له ويرحمه ويجعله في عليين. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
الرس
Rasheed-1@w.cn