بمزيد من الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام -طيب الله ثراه-. وبوفاته ومع صدق الخبر تعثرت به الأفواه وتلعثمت به الشفاه، ما أشد هذا المصاب وما أقساه. أمير محبوب في وطنه وفي حكومته وفي جميع الدول العربية و الإسلامية عامة، أتعب بسيرته الأقلام، وكفل بكرمه الأيتام، إن زرته غمرك بكرمه، وأتحفك بالاحترام، وآنسك بطيب المقابلة والكلام، وكان رحمه الله لا يلتفت لتوافه الأمور ولا يلقط الغلطات، بل كان يدفن المعايب ويذكر المناقب، فملأ الله بحبه القلوب وطار ذكره في الشعوب، ومن مكارم سموه بسمة على محياه وصدقه في أقواله ومسعاه، وكان طاهر الضمير ويحترم الكبير ويرحم الصغير ويعطف على الفقير.
المرحوم بإذن الله لا يرفعه المدح، ولا يضعه القدح، فاستوى عنده المدح والهجاء. ولم ينظر في مدح الأصدقاء، وما ضره ذم الأعداء، لأنه يراقب في أعماله وأقواله رب الأرض والسماء.
سلطان، تقواه إخلاص في الأعمال وصدق في الأقوال، وهو رجل شفاعات تلبى لديه الطلبات وتحل على يديه المشكلات ويجيب على التساؤلات.
وقد قيل: من تقيد بالمأثور، وآمن بالمقدور، وعمل بالمأمور, واجتنب المحذور، فعمله مبرور وسعيه مشكور وكذلك كان سموه الكريم.
ولو فاح طيب ثنائه في الوجود كان مسكاً، ولو نظمت مكارمه في عقد لانفصم من طوله سلكاً.
واليوم، ترثيه العامة والخاصة والحكام ورجال الإعلام وحملة الأقلام ويبكيه الشيب والشباب، رجالاً ونساء، ورجال الصحافة وأهل الأدب. ونوه بفضله العلماء والشعراء وأثنى عليه الأدباء وحزن عليه الزعماء. فقد اختلط الترحم عليه بالدموع، وماجت كالبحر الجموع.
سيدي، ماذا أقول؟ وماذا لا أقول؟ عن سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة وطيب الله ثراه، لأن الذاكرة لم تسعفني بما يخطر ببالي تجاه سلطان الخير.
فهل أوجه تعزيتي لخادم الحرمين الشريفين وإخوانه! أم لورثة سلطان بنين وبنات! أم لأنفسنا ومواطنينا؟ فلا نملك غير الدعاء له بالرحمة والغفران وأن يسكنه فسيح الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
سلطان الخير لم يمت بل غاب عنا، آثاره باقية وأعماله مشاهدة وأنجاله من خلفه سيواصلون مسيرته ويطورون مآثره ويسيرون على خطاه.
رحمه الله و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.