لقد كان لوقع رحيل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- ولي عهد المملكة العربية السعودية، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران والمفتش العام أسى كبيراً في نفوسنا، وفي نفوس الشعب السعودي، والأمتين: العربية والإسلامية، كيف لا وهو أمير الإنسانية وسلطان الخير.
فقد نشأ صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله نشأة صالحة في كنف والده المؤسس الباني الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله، قوامها الالتزام بشرع الله والتوحيد والإخلاص، وعمادها خدمة دينه وولاة أمره ووطنه ومواطنيه، وظهر ذلك جلياً في أعماله ومنجزاته خلال تنقله في مختلف المسؤوليات التي قضى فيها جلّ حياته يرحمه الله.
ففي هذا البيت العربي العزيز على قلب كل السعوديين، ألا وهو بيت الوطن الجزيرة التي تضم بين طياتها قبلة الأمتين العربية والإسلامية، انعكست هذه المناقب على حياته في بيت عطاء يضم أسرة زرع فيها حب الوطن والنزاهة والاستقامة والاعتماد على النفس وإعانة الملهوفين والفقراء أينما كانوا. فيا أبناء سلطان الخير الأحبة ويا بناته في كل صقع من مملكتنا العامرة، لقد بارككم الله فيما خلفه لكم هذا السلطان من تركة لا تقوم بكنوز الأرض وهي سيرته العطرة ومحبة مواطنيه له رحمه الله. كما كان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله، جمعية خيرية متنقلة كما قال عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، يسكنه الخير أينما حل وارتحل، ينفق بسخاء ويعطي بكرم، ويعامل بإنسانية. لقد كان نهراً متدفقاً على أبناء شعبه والمسلمين والعرب والعالم. فسجله الحافل بالعطاء لا يمكن أن يتجاوزه حديث، أو يتجاهله منصف من شرق المملكة إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها.. هنا عالج مريضا، وهناك داوى مصابا، وهنا ساعد معوقا.. وخفف عن مسنة، وهناك أسكن فقيرا، وقبل طفلا.
ذلك هو الأمير سلطان بن عبد العزيز، سلطان الخير صاحب الأيادي البيضاء الممتدة بالفضل لكل إنسان. جسدتها عبارته المشهورة «كل ما أملكه في المملكة من مبان وأراض وكل شيء عدا سكني الخاص هو ملك لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية». ولم تكن تلك العبارة هي الأولى أبدا.. فقد سبقها الكثير من الأعمال الخيرية والعطاءات المتواصلة في البر والصلاح، سبقتها أعمالا عرف عنها التميز، وأعمالا لم يعلمها سوى الخالق. لقد كانت مبادراته التي لن ينساها السعوديون أبدا، وخصوصا أنهم يعلمون جيدا أنه رغم انشغاله بعظام المهمات والمسؤوليات التي يحملها على عاتقه تجاه هذا البلد الكريم وتجاه الأمة الإسلامية والعالم العربي والإنساني، فإن محافل الخير في داخل البلاد وخارجها تذكره رمزا للخير والعطاء. نعم إن الأمير الراحل كان أبا للفقراء والضعفاء والمعوزين من النساء والرجال والأطفال، إن سلطان أحب الخير لله وفي الله ومن أجل الله أينما كان، فبادله الله عز وجل حبا بحب فحبب الناس له، فقد حرص سمو الأمير القائد سلطان بن عبد العزيز رحمه الله منذ توليه مسؤولياته وليا للعهد ونائبا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على دعم علاقات السعودية مع مختلف دول العالم من خلال تبادل الزيارات الرسمية مع القادة وكبار المسؤولين بهدف تدعيم جسور التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
ولم تنقطع عطاءات سلطان الخير لقواته المسلحة.. فقبل ثلاثة أيام من وفاته وجه -رحمه الله- باستضافة الفائزين بالمراكز الأولى في جائزة الأمير سلطان الدولية في حفظ القرآن الكريم للعسكريين.
ولا يفوتنا أن نستذكر ما أورده سمو أمير منطقة الجوف الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز حيال هذا الموقف الجلل حيث أكد بأن الوطن فقد بسلطان الخير رجلا فذا «شارك في تنمية هذا الوطن بمجالات عدة، وأياديه البيضاء لم تترك مجالاً للخير إلا وشاركت فيه ولا مجالاً للأعمال الإنسانية إلا ترك له بصمة فيها».
ونقول كما قال صاحب السمو «نحمد الله أولاً وآخراً على قضائه وقدره ولا شك أن المصاب جلل، ولعلنا نستذكر بوفاته - رحمه الله -، مشاركاته غير المحدودة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فهو يحظى بمكانة خاصة ومرموقة لدى الشعب السعودي ولدى الكثير من قادة وزعماء دول العالم لإسهامه - رحمه الله - في الأعمال الخيرية ودعمه للعلوم والمعرفة ومجالات التنمية والصحة والثقافة والاقتصاد».
وآخر دعوانا قولنا للأمير الراحل: اللهم إنك أنت القاضي ولا راد لقضائك. اللهم اجعل سيرته عطرة، واجعل مرجعه إليك رحمة وغفراناً.. آمين. آمين.. آمين.