حاولت أن أحصي مآثره وأن أقتفى أثره ما بين مجده وجوده، ووجدتني في إحصائي واستقصائي عنه كمن يريد أن يلامس الثرياء من الثرى، أو كمن يريد أن يحصي نجوماً متلألئة، في مدار قمر عمَّ بنوره أرجاء المعمورة، حينما كان هو القمر ومآثره النجوم، فمهما حاولت المقارنة بهذا أو ذاك، أجد أن الفكر والقلم يحار في تعداد مجده وجوده، فأمجاده مدونة تاريخياً بالدولة السعودية، وجوده وسخاؤه يعرفه الملأ وما كان خافياً كان أعظم أجراً، وهو مدون في ميزان حسناته الجمّة، إنه الغائب الحاضر سلطان بن عبد العزيز، رجل دولة من الطراز الفريد. ورجل الإحسان في كل زمان ومكان.
أيها الغائب الحاضر، إن توارى الجسد، فإن مآثر سموك سامية زاهية حيّة تسعى في مساعيها الخيّرة التي رسمت طريقها وشيَّدت صرحها وأثمر عطاؤها لتكون مضرب مثل عند الكل، لكل من هو فقير ويتيم وعاجز ومريض، وفك إعسار، وشفاعة لإعتاق رقبة، فتلك أعمال إنسانية جليلة أرسى دعائمها (سلطان) جنوباً وشمالاً شرقاً وغرباً، فكان الرمز والشفرة التي تفتح سبل الحلول لكل مغاليق المشاكل القبلية والأسرية المحلية والإقليمية، لتنتهي كل المشاكل بوجوده المبهر وجوده السخي.. وتلك لعمري هبة يهبها الله لعباده الصالحين المصلحين، أيها الصالح المصلح سلطان بن عبد العزيز.
يا منبع المجد والجود، يا عضد إخوانك الملوك وشعبك الذين أحبوك، فكنت (أهزوجة) لا تفتر شفاههم من التغني بها، كلما لاح طيفك في محفل أو مناسبة اجتماعية الكل يتجه إليك للسلام عليك، فثغرك الباسم ومحيّاك النضر هما حافزا البشاشة والسماحة للإصغاء لهم وقضاء حاجاتهم بكل رحابة صدر، وهو ما جعلهم يأتون إليك من كل حدب وصوب، فكنت الأب للصغير والأخ للكبير، وقد سرّ بلقائك الجميع ونقلوا فحوى سرورهم لأهاليهم وأبنائهم فلهجت أفئدة الجميع إنه سلطان- سلطان الرمز والعز!!
يا ولي العهد والنائب الثاني ويا وزير الدفاع والمفتش العام. لقد بقيت على عهدك المصون محافظاً على خدمة الملك حكومة وشعباً، وعزّزت من تقوية وزارة الدفاع والطيران لتبقى رمزاً للدفاع عن الوطن برجاله البواسل وعتادهم القوي الذي يذود عن الوطن النائبات الجسام لردع المعتدي، وكأني أراك وأنت تتفقد في زياراتك الميدانية كل قطاعات الجيش العسكرية ومعايدة منسوبيه في كل عيد ومناسبة، نعم، إنك المؤسس للجيش من واقع خدمتك العسكرية حينما عهد إليك والدك المغفور له الملك عبد العزيز، أول رئيس للحرس الملكي، ومن ثم أميراً للرياض فوزيراً للدفاع، وفي عهدك أدخلت مفاهيم عسكرية جديدة وتخصصات نادرة؛ كالشؤون الطبية والتربوية، وغيرها من المزايا التي يحفل بها السلك العسكري في وزارة الدفاع والطيران.
أيها الراحل الغالي.. يا صديق كل رجالات الدولة من علماء دين ومسئولين ومثقفين، ويا من حظيت بمحبة الخلق كله دانيهم وقاصيهم من ساسة العرب ومن مفكريهم وعلمائهم، فقد نعاك الكثير منهم، وأتت سبل اتصالاتهم معزية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، ونكست دول خليجة أعلاماً حداداً عليك لثلاثة أيام، فهنيئاً لك هذا الحب الكبير من الملك والأسرة الملكية والشعب، ومن الأسرة الدولية الصديقة والعربية والإسلامية الشقيقة.
رحمك الله أبا خالد.. فستبقى في ذاكرتنا حاضراً، كلما أتت سيرتك ومسيرتك. يا صاحب المجد والجود!
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ
جدة
bushait.m.h.l@hotmail.com