|
إن الأعمال الخيرة والمواقف الإنسانية النبيلة، والحنكة السياسية داخليا وخارجيا لسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز (يرحمه الله) ستجعله مرسوما في العقول ومحفورا في قلوب السعوديين والعالم العربي والإسلامي بابتسامته الفريدة ووجهه البشوش، فلن ينسى الشعب السعودي صاحب اليد الحانية عليهم، الصارمة على أعدائهم، ولن يغيب عنهم سلطان الشمائل الذي كان يرعى الكثير من الأرامل والفقراء، يقدم لهم المنازل والمساعدات، وأقام العديد من المستشفيات وقدم الدعم الوفير للجمعيات الخيرية، التي توّجها بمؤسّسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية، التي أنشأت أكبر مجمّع علاجي، يضم العديد من المستشفيات المتخصصة في علاج الإصابات المزمنة والأمراض المستعصية. وكان سلطان بن عبد العزيز جمعية خيرية متعدّدة الاهتمامات، فمن يصل إليه لا تردُّ حاجته. وأنشأ الأمير سلطان - رحمه الله - لجنة خاصة للإغاثة، هدفت إلى تقديم خدمات إنسانية وإغاثية طارئة ؛ حيث بدأت في دولة النيجر عام 1998م باسم (اللجنة الخاصة للإغاثة في النيجر)، ثم ضمت إليها جمهورية مالي عام 1999م، وفي عام 2000م امتد عملها لتشاد وإثيوبيا وملاوي وجيبوتي ودول أخرى، وكانت اللجنة تقوم بتسيير القوافل الإغاثية والطبية العامة لمكافحة الأمراض الشائعة مثل الملاريا والعمى. وفي المجال العسكري يعد الأمير سلطان باني الجيش السعودي الحديث، والمطور لقدراته القتالية والعسكرية، فهو الرجل الذي نقل القوات المسلحة بفروعها كافة إلى مصاف الجيوش المتقدمة في الإمكانات بشقيها الآلي والبشري، وظهر ذلك في أكثر من أزمة، ابتداء من حرب الخليج الثانية ودحر القوات العراقية الغازية للكويت ومدن المملكة الحدودية معها، إلى سحق فلول الحوثيين جنوب المملكة. وفي الناحية السياسية، مثل الأمير سلطان المملكة في كثير من المحافل الدولية، تاركا بصمة خاصة تحمل في طياتها حقيقة ناصعة عن حجم المملكة السياسي والإقليمي، فضلا عن دوره في توطيد العلاقات السعودية العربية والإسلامية، والسعودية الدولية. ولعل اضطلاع الأمير سلطان بملف الحدود السعودية اليمنية، وترسيمها بشكل رسمي، كان عنصرا مهما في الوصول إلى اتفاق في أجواء هادئة، بلا توتر، قل أن يوجد له نظير في مثل هذا النوع من الملفات العالقة بين دول كثيرة في المنطقة وخارجها.
إن الأمير سلطان مثار تقدير واحترام وإعجاب من عرفوه، ومن تعاملوا معه من عسكريين ومدنيين في مختلف دول العالم وكان مدرسة في قدرته على التعامل مع الأحداث والمواقف بقوة إرادته، وكان متوازناً حتى في أقسى الظروف، كما ساهم في أدوار مهمة في التنمية الاقتصادية والإدارية واختيار العديد من الأشخاص لمناصب مرموقة في الدولة، وجاءت مساهماته كمسؤول كبير وخبرة في مختلف المجالات. وأن المملكة بوفاته - فقدت رمزاً أعطى وجدد وجند طاقاته في خدمة وطنه. رحم الله سلطان الخير وثقل موازين حسناته بأعماله وأفضاله وعطاءاته وجعل الجنة مثواه.
رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للعود