جاءت إلي زوجتي الدكتورة علياء، وهي متألمة قائلة (لقد فقدت الأمة عزيزاً لديها) وهي تتذكر أسعد لقاء في حياتها بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع يرحمه الله، كان اللقاء قبل سنوات ضمن وفد نسائي أكاديمي جامعي، وهي ضمن وفد المجتمع الأكاديمي لجامعة أم القرى، في عهد معالي مديرها آنذاك الأخ العزيز الأستاذ الدكتور عدنان وزان، وقد كان سموه في اللقاء ملبياً ومستجيباً للآراء، وللطلبات، كما كان أنموذجاً تفخر به كل النساء. لقد آلمنا النبأ بانتقال سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى جوار ربه، «سلطان الخير»، سلطان النعمة والوفاء والمحبة، نعم إنه سلطان وجه الخير والبركة الذي عرفه شعب هذا البلد الطاهر، بعطائه، وعلمه، وصفاته النادرة، وبحبه للناس. عرفه أبناء هذا البلد المعطاء بإنسانيته، وكرمه، ووده للأطفال، والنساء، كما هو للكبار وعرفه أبناء الأمة العربية والإسلامية بتواضعه، وقيمه العالية، وبتفقده أحوال الناس في كل مكان حتى أبناء الأمم الأخرى الصديقة، عرفت «الأمير سلطان» بحسن السياسة وبالكياسة، والحكمة، والنصاعة، والدقة والفصاحة والبيان»، فهو عندما يتكلم يعجب الجميع بالإنصات إليه، وعندما يبدي رأياً كان ينطلق من واقع الحدث، وكأن أحاديثه العذبة التي يرتجلها دوماً تبقى ذات أثر كبير في النفوس، وعندما يشارك فهو يستأذن للطرح، ذلك الطرح الذي تعلوه حكمة قائد، عندما يقول فهو يفعل وسيفعل لمصلحة الخير.
نعم لقد فقدت الأمة سلطان، وبكت القائد الفذ، القائد الذي اعتمر الدفاع عن بلده بحكمة كتاب الله سبحانه وتعالى، الذي هو دستور هذه البلاد الطاهرة العامرة، وقد شهدت بلادنا خلال مراحل من تاريخها العديد من الإصلاحات، والعديد من القوى الوطنية التي لقيت أقوى وأفضل التدريبات تحت إشراف الأمير العظيم، كما شهدت الساحة السعودية بقواتها الباسلة التحديث والتقنية وهي تدخل غمار التغير الذي فاق التصور والإعجاب.
وكم حرصت القيادة الحكيمة المتمثلة في عيون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، بأن يكون وجه الدفاع عن أي سوء للوطن والإنسان السعودي هو المصير الأول ضد أي اعتداء، وكان الأمير المحبوب سلطان الأمان والخير خير من تولى هذه المكانة، كما كان هذا الوازع الكبير في تحقيق الأمن الداخلي بجهود سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية يحفظه الله، ولعل هذا الصرح الكبير يثبت للعالم مدى التماسك والتعاضد بين أبناء الأسرة الحاكمة والقيادة الفاضلة وأبناء الشعب.
إن سيرة (سلطان الخير) العطرة لا يمكن أن ينساها أبناء هذا الشعب الوفي، وأن أعماله الخيرة ستظل عنواناً لتطلعات الناس والأمم، وأن جميع ما قدمه يرحمه الله سوف يكتب في موازين أعماله وحسناته.
إن عزاءنا الكبير لخادم الحرمين الشريفين والأسرة الكريمة وأبناء هذا الوطن بالدعاء والدعاء بأن يدخل الله (سلطان الخير) واسع جناته، وأن يلهم المليك، والأسرة الكريمة وأبناء الوطن الصبر، والدعاء الدعاء لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالشفاء والصحة بإذن الله.
يقول الشاعر:
لست يا أمسي ابكيك لمجد او لجاه
أو لعمر، بلغت منه الليالى منتهاه
إنما أبكيك للحب الذي كان بهاه
يملأ الدنيا، فانى سرت في الدنيا اراه
فاذا ما لاح فجر كان في الفجر سناه
واذا غرد طير كان في الشدو صداه
واذا ما ضاع عطر كان في العطر شذاه
واذا ما رف زهر كان في الزهر صباه
فهو في الكون جمال يملأ الافق ضياه
سلطان في ذمة المولى له رحمة وجاه
Zak.y.lal@gmail.com