هل سبق أن رأيتم وزير صحة يقبّل رأس جراح؟ أو وزير تربية يقبل رأس مدير مدرسة؟ أو وزير زراعة يقبل رأس فلاّح؟ أو وزير ثقافة يقبل رأس كاتب؟ أو وزير عمل يقبل رأس مهندس؟! أكيد أن أيّاً منا لم يسبق له أن رأى مثل هذا المشهد؟! لكننا جميعاً رأينا وزيراً، أكبر من كل الوزراء عمراً وجاهاً ووجاهة، يقبل رؤوس جنوده المنومين في مستشفيات المنطقة الجنوبية، إثر تعرضهم لإصابات أثناء أدائهم واجبهم في حماية الحد الجنوبي من خطر الحوثيين.
لا أظن أن أحداً سينسى مشهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، وقد أخذ المرض منه كل مأخذ، وهو يصرُّ على تقبيل جباه الجنود واحداً واحداً، كتعبير منه على امتنانه للأدوار التي يقدمونها في خدمة البلاد. كان من الممكن أن يفوض أحداً، ليقوم بالزيارة نيابة عنه، خاصة أن الجميع يعرفون أنه يعاني من المرض الذي ألمَّ به. لكنه لم يفعل ذلك. بل ذهب بنفسه، وأخذ كل فرد من أفراد قواته في أحضانه، شاكراً إياه على تفانيه في الدفاع عن وطنه.
بعد رحيل سلطان، وحيث لن يكون في الأمر مجاملة لأحد، فإنني أدعو كل وزير، أن يعيد مشاهدة هذه اللقطات العفوية، ويحاول أن يقرأ ما بين سطورها، فلعل وعسى يخرج منها برؤية حقيقية، تساعده في التواصل مع المواطنين وفي وسائل التعامل معهم.
إنه الدرس الأخير للأمير، تغمده الله برحمته، ويجب أن يكون الدرس الأول لكل وزير.