** كانوا يقولون إن اجتماع أربعة سعوديين يعني جلسة «بلوت»؛ ما يشير إلى حجم الاسترخاء الذي كانوا يعيشونه في دواخلهم وإن لم تضئ به خوارجهم، وما يزال «البلوت» سمةً لاستراحاتنا فلم يتبدل الأمر ظاهريّا لكنه تبدل في العمق؛ فحين يضمهم مجلس يضيفون - مع البلوت وقبله وبعده ودونه - نقاشًا متكررًا مداره تبرمٌ من الحال وتخوفٌ من المآل، وإدارة لوجهة الحديث حول كل العناوين بشكاوى ترفيّة وظرْفية، وإذا تجاوزنا المطالب المعتادة في تحسين سبل العيش فإن أبرزها يدور حول مخرجات التناقض بين الاتجاهات الاجتماعية والفكرية السائدة والاتهامات المتبادلة بين رموزها ودخول الناس طرفا مرجِّحًا لتيارٍ وضد آخر.
** التوجه لا يعني الاتجاه، والرابط اللفظي يستدعي فارقًا معنويّا، وحين نسافرُ وتنأى عنا الجهةُ التي نشأنا فيها والوجوهُ التي اعتدنا عليها فإنها تظلّ في مركز الاهتمام، ويبقى المكان الجديد هامشًا في متن المكان التليد.
** كذا ننتقل بأجسادنا دون أن نوليّ أرضنا الأدبار مهما قستْ علينا أو قسونا بحقّها، ومنا من يسكنه الاغترابُ ويتطلع للاقتراب ولو كانت الوسائطُ المهيئةُ أمامه للعيشِ السخاء الرخاءِ مغريةً لا بالبقاء فقط وإنما بالانتماء.
** هل تحتاجُ البدهيةُ إلى إثبات؟ ليكن؛ فمن يرتحل منا نحو خط التأريخ الدولي وما وراءه أو أمامه فإنه سيتجهُ ليله ونهاره إلى بيتِ الله؛ فهي قِبلتُه ولو فرّط، وجذورُه ولو تجاهل؛ ليحضر السؤالُ الهدفُ من هذه التوطئة؛ فلماذا نحن مجبرون على إثبات « الهُوية « كلّما أحسسنا بالظنون تحاصرُ مواقفَنا الاجتهاديةَ؟ ولماذا نطلبُ مباركةَ سوانا كي نطمئن منهم على حسنِ سلوكنا وليثق المناوئون بسلامة اتجاهنا وإن اختلفت توجهاتُنا؟
** الاستفهام بلا إجابة؛ لتظلّ سلطةُ العامة مؤرقةً للخاصة، ومؤثرةً في كثيرٍ من قراراتنا الرسمية والشخصيةِ، ومن يلومُ المشرّع الذي يتباطأُ في التغيير فإنه يغفل عن جانب القوة غير المرئية التي تجعل لرجل الشارع سطوةً يهاب تخطيَها أو تحديَها أولو العزم من ذوي القرارات.
** ليست سلطةً مطلقةً بل مقيدة، مثلما إنها غير ثابتةً بل متغيرة، والصامتون - وهم الأغلبيةُ - قادرون على قلب المعادلة حين يجدون قيادةً فكريةً واعيةً متوازنةً تخرجهم من أنفاق الوصاية ونفاق الادعاء.
** ملَّ الناسُ تعليبَ التهم وكرهوا منطق الإقصاء، وبات حقهم في توازن التمثيل والحضور والقرار والحماية والدعم المعنويين جزءًا من متطلبات شراكة الوطن، وكلنا ملامون.
** يضجُّ «البلوتيون» باختلافاتهم وتتصاعد أصواتهم ويُظنُّ أنه الفراق ثم يلتئمون» كأن شيئًا لم يكن» لعلمهم أن الفائز والخاسر شريكان يتقاسمان الأدوار؛ فلا يبقى طرفٌ أدنى وآخرُ أقوى.
** خذوا الحكمةَ من «الحُكم».
ibrturkia@gmail.comt :@abohtoon