|
لله ما أخذ، وله ما أعطى، ولا نقول إلا ما قال ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ونؤمن بالقضاء والقدر الذي هو أحد أركان الإيمان. في يوم الاثنين 19-11-1432 من الهجرة النبوية الشريفة، وعندما كنت أقرأ أسماء الحضور، جاء ذكر اسم الطالب علي بن دخيل الله بن علي المالكي، فقال أحد الطلبة إن الطالب يطلبك الحِلّ؛ فقد انتقل إلى رحمة الله في الأسبوع الماضي إثر حادث غريب جداً؛ حيث كان يمارس رياضة كرة القدم، وقد صعد على سطح الاستراحة لإحضار الكرة، وكان سلك الكهرباء له بالمرصاد؛ فلم يَعُدْ إلى زملائه ألا جثة هامدة. هنا توقفتُ قليلاً، وقلتُ إن الأمر يحتاج إلى مناقشة؛ لعلنا نخرج بفائدة من هذه الحادثة الغريبة؛ فمَنْ المسؤول عن هذه الحوادث التي قد يتعرض لها أي إنسان ويفقد حياته؟!!
كثيرٌ - للأسف الشديد - يحدث لهم مثل هذه الحوادث التي يمكن أن يتجنبها الإنسان؛ حيث مطلوب منا جميعاً الحذر كل الحذر من هذه المواقع التي قد يقع فيها الإنسان فريسة كهرباء, أو حُفْرة في طريق أو مطب صناعي لم يوضع للإنسان تحذير منها، وهذه كثيرة في وطننا الغالي؛ حيث توجد مناطق خطرة جداً، وليس فيها التحذير الكافي، سواء في الشوارع العامة أو الخاصة أو على أسطح المنازل والاستراحات؛ فبعض الشركات أو المؤسسات أو الأفراد يقومون بأعمال البناء والإنشاءات، ولكن هذه الأعمال تفتقر إلى أبسط تعليمات السلامة التي تبيِّن خطورة المنطقة.إنَّ فَقْد إنسان أو ممتلكات بسبب الإهمال من قِبل هذه الشركات والمؤسسات والأفراد يجب أن تتحمله الجهات المسؤولة عن تنفيذ هذه المشروعات، بغض النظر عن حجمها؛ فليس معقولاً البتة أن توضع الأفخاخ في طريق المارة، ويسقط فيها مَنْ يسقط ولا تلام الجهة المسؤولة على هذه الفعلة الشنيعة!
إنَّ الوطن اليوم يشهد تنمية غير عادية في هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهذا يتطلب من الجميع تحمُّل المسؤولية الاجتماعية من حيث التخطيط المسبق لسلامة المواطنين؛ فلا يمكن أن نعمل مشروعاً إلا وفق الضوابط والشروط، ومن يخالف ذلك يتحمل تبعات النتائج، ولا بد من تحقيق مبادئ السلامة من بداية المشروع حتى تسليمه، وأن يكون تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية في الجهات التي تقوم بهذه المشاريع، وأن يكون هناك جزاءات صارمة لمن يخالف تعليمات الدولة في هذا الشأن. إن فَقْد طالب عِلْم يجب أن لا يمر دون محاسبة قوية للمتسبب؛ فترك سلك كهربائي صاعك مكشوف دون وضع الاحتياطات اللازمة يُعَدُّ خطأ بشرياً فادحاً لا يمكن السكوت عنه بحال.ندعو لطالب العلم بالمغفرة من الله، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان، خاصة والديه وأبناءه وزوجته، كما نتمنى من الجهات المعنية بهذه القضايا أن تحاسب المخطئ، وأن يكون للعدالة دورها؛ فقيادتنا الرشيدة لا تألو جهداً في الحفاظ على البلاد والعباد، وتشدد على سلامة المواطنين أولاً، وما حوادث السيول بجدة عنا ببعيد، وها نحن نعيش يومياً «البلاوي» من جراء شركات لا يهمها المواطن وممتلكاته بقدر ما يهمها المكاسب المادية. فهل نحقق تطلع قيادتنا الرشيدة في المحاسبة؛ ليعيش المواطن على هذه الأرض الطيبة في أمن وسلام؟.. أرجو ذلك، وبالله التوفيق.
أستاذ الأصول الاجتماعية والفلسفية للتربية المشارك - جامعة الملك سعود - كلية التربية