التغير سمة كونية لا تتوقف عند حد معين، فمن أمدّ الله له في العمر وأصبح الفرق كبيرا في عدد السنين بينه وبين أبنائه أو أحفاده ممن هم في سن الشباب، ورأى الاختلاف بين ما كان يعيشه في صباه من سلوك يتوافق مع السائد في وقته من التقاليد والعادات، وبين ما يظهر أمامه من مظاهر سلوكية تختلف عن المألوف عنده، من بعض الشباب في هذا العصر سيعيش صراعا مستمرا، قد لا يستوعب ما يحدث وكيف حدث، ويشاركه فيه آخرون ويكون حديث المجالس ومحور النقاش، وقد يوجه النقد واللوم للشباب فهم من يتحمل المسئولية في ذلك، وهم السبب الوحيد لحدوث ما يعتبر من وجهة نظركبار السن مخالفا لبعض القيم والأعراف، ولم يعد الشباب كما كان في الماضي في تحمل المسئولية والحفاظ على العادات والقيم، ويبنى الحكم على المقارنة بين جيلين أو أكثر بناء على متغير السلوك دون إدراك الأسباب التي أدت لذلك.
في الحقيقة أن بعض مظاهر السلوك الخاطئ أو غير المرغوب في المجتمع، لا يعود لسبب واحد حتى نحصره في الشباب، فأسبابه متعددة وشارك فيها مؤسسات المجتمع وأفراده، بما فيهم الآباء والأجداد، فلم تعد الأسرة على أهميتها وبصفتها النواة الأساسية في تكوين المجتمع قادرة على القيام بدورها التربوي والتوجيهي كما ينبغي، مقارنة في دورها السابق وقبل الانفتاح الإعلامي والثورة التقنية التي غيرت كل شيء من حولنا وأثرت في كل أنماط الحياة، ومع هذا ليس كل جديد أو مختلف عن السابق غير مفيد أو مرفوض أو غير مرغوب بل إن هناك سلوكا في السابق مبني على تقليد أو عرف مخالف حتى لقواعد الشريعة، والعكس صحيح.
الشباب هم وقود الأمم واستمرار بقائها، ولكل زمان رجاله، وكل مرحلة عمرية لها سمات تختلف عن غيرها، إن من بلغ من العمر سبعين عاما أو ما يقاربها وما عاشه من تجارب وبيئة ووسائل حياة مختلفة، تجعل نمط حياته وطريقة تفكيره لا تتفق تماما مع تفكير من يعيش في العشرين من العمر! فالإنسان ابن بيئته ومُخرج من مخرجاتها، وحتى لا تتحول العلاقة بين الأجيال المختلفة إلى علاقة صراع ومقاومة تتأثر نتائجها بالوقت والطاقة وهو ما يمتلكه الشباب، ينبغي أن يدرك من يعنيه أمر الشباب أنهم ليس السبب الأوحد في كل ما يحدث ولا نرغبه، ولا ينبغي أن نلقي كل اللوم والنقد الجارح والتقليل من شأنهم في مجالسنا العامة أو الخاصة، وينبغي أن يكون النقد بناء، يهدف لإصلاح الأخطاء متى وجدت، وأن يكون الحوار منهج حياة ووسيلة لا تغفل عند اختلاف وجهات النظر للإقناع والتوافق، فالتغير سنة كونية تطول كل شيء فدوام الحال من المحال.
والله ولي التوفيق