مع أن جامعة الدول العربية أعطت النظام السوري فرصة لإنقاذ سورية الوطن والشعب، وإنقاذ نفسه قبل أن تكمل حلقات العزل والحصار الدولي والعربي، إلا أن النظام لا يزال يصر على رفض محاولات الإنقاذ.
العرب ومن خلال مجلس جامعة الدول العربية قدموا مبادرة متوازنة تُعد في محصلتها النهائية كسباً للنظام، فالمبادرة تعطي النظام وقتاً لإبداء نية طيبة اتجاه شعبه، وحسن تصرف مع المجتمع الدولي، وبالذات مع محيطه الإقليمي والعربي.
وقف العنف، وإنهاء القتل اليومي الذي طال كل فئات الشعب السوري - مدنيين وعسكريين -، وسحب الجيش إلى مقراته والبدء بحوار جدي مثمر تحت رعاية جامعة الدول العربية وفي مقرها بالقاهرة.
وصفة علاجية تتناسب جداً مع الأزمة السورية وهي قابلة للتطبيق إن صدقت نوايا الأطراف المتداخلة في هذه الأزمة، وهذه الوصفة وإن أعطت للنظام السوري فسحة من الوقت لإعادة ترتيب أوراقه إلا أنها كافية جداً لمعالجة الحالة الشاذة التي يعيشها القطر السوري بعد أن تأكد فشل الحل الأمني.
كما أن هذه الوصفة العلاجية تُوفر للمعارضة الوطنية فرصة طيبة لبدء حوار جدي تحت رعاية جهة محايدة ليس لها مواقف عدائية ضد الأطراف المشاركة في الحوار. واختيار مقر جامعة الدول العربية كمكان لإجراء حوار مُعمّق وجدي وصادق يستهدف المصلحة الوطنية السورية دون إملاءات أو الخضوع لأي أجندات خارجية لا يهمها المصلحة السورية والمصلحة العربية العليا هو عين الصواب ويوفر أجواءً لإبداء الآراء دون خوف أو ضغط.
المبادرة العربية وبكل أمانة وصدق هي فعلاً وصفة علاج ناجعة لكل من يريد الخير لسورية، سواء أكانوا حكاماً يديرون النظام الآن أو معارضة خرجت للتظاهر، فإذا كان الهدف واحداً وهو تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة، فهذه الوصفة كفيلة بالوصول إلى الهدف. أما إذا كان الهدف التشبث بالحكم أو بإقصاء الحكام وعزل أطراف من مكونات الشعب السوري، فهذا ما يتعارض مع ما سعت إليه المبادرة العربية التي يجب أن يتعاون السوريون أولاً لإنجاحها والعرب لتنفيذها ومدّها بكل مقومات النجاح والبقاء حتى تعود سورية تنعم بالأمن والاستقرار ويحصل شعبها على الحرية وعلى العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة عبر حوار حضاري دون اللجوء إلى القتل.