يعتبر برنامج «حافز» أحد أهم البرامج الوطنية الداعمة للباحثين عن العمل، وتوجيههم، وتدريبهم، وتعزيز فرص حصولهم على وظيفة بإسلوب حديث يعتمد على التقنية، وقاعدة البيانات الشاملة التي يمكن من خلالها ضبط سوق العمل وكشف حجم البطالة، وتوجيه العاطلين، وتصنيف طالبي الوظائف بحسب الجنس، الكفاءة، وموقع السكن وهي معلومات مهمة لا يمكن الاستغناء عنها عند وضع برامج المعالجة. «حافز» حَفَّز المواطنين على رسم الصورة كاملة لبطالة السعوديين من الجنسين، ووضع المسؤولين أمام حجم المشكلة الحقيقية والأزلية التي يُعاني منها الاقتصاد.
في برنامجه المتميز؛ خصص الزميل داود الشريان؛ حلقة خاصة عن «حافز» وأستضاف الأستاذ إبراهيم المعيقل، مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية، الذي أعطى صورة متكاملة عن البرنامج. الزميل الشريان ختم الحلقة بأهم المعلومات التي تحدث عنها الضيف، وهي عدد المسجلين في حافز، ومجموعهم أكثر من 900 ألف عاطل وعاطلة، تُمثل النساء ما نسبته 65 في المائة من مجمل الباحثين عن العمل!. الأستاذ المعيقل أشار أيضا إلى أن مؤهلات طالبات العمل تتفوق على مؤهلات الرجال، وهو أمر لافت ولا شك.
بطالة النساء الأكثر انتشارا في سوق العمل، ومع ذلك نجد من يضيق عليهن سبل العيش وفرص العمل لأسباب مختلفة؛ خلال السنوات الماضية، انصب التركيز على خلق وظائف الرجال، بعيدا عن الوظائف النسوية، وهذا خطأ إستراتيجي ولا شك، إلا أن تدخل القيادة لفتح مجالات أكبر لتوظيف النساء وفق الضوابط الشرعية ساعد في تصحيح الخطأ. معالجة بطالة النساء تحتاج إلى خلق وظائف جديدة، و قطاعات مختلفة تضمن التنوع الوظيفي، الانتشار، والقدرة على الاستيعاب. الصين لديها تجربة رائدة في تشغيل النساء، وحمايتهن في الوقت نفسه، ووفق ضوابط هي أقرب لضوابط الشريعة الإسلامية. أنشأت الصين خطوط إنتاج في مصانع مختلفة وموزعة بدقة في المناطق المستهدفة، وخصصتها لعمل النساء فقط؛ وطورت الفكرة لإنشاء مصانع متخصصة وحديثة تُديرها النساء. أعتقد أن السوق السعودية في حاجة إلى نقل هذه التجربة وتطويرها بما يضمن خلق مزيد من الوظائف النسوية. هناك قطاعات يسيطر عليها الرجال، يمكن تخصيصها للنساء، كمراكز الاتصالات الرئيسة للمصارف، والشركات الكُبرى، والحجز المركزي للسعودية، إضافة إلى قطاعات التموين الغذائي، وقطاع صناعة التمور، والأغذية، والملابس والتعليم الخاص، والعام للبنين في المرحلة الإبتدائية، وقطاعات حكومية كثيرة يمكن تحويلها بسهولة لعمل النساء. أعتقد أن توفير 10 في المائة من وظائف القطاع الخاص الذي يضم أكثر من 7 مليون وافد ووافدة، يمكن أن يعالج مشكلة البطالة بسهولة شريطة أن تُطبق سياسة الإحلال المباشر على الوظائف المُحققة لطموح السعوديين.
برنامج «حافز» جاء ليعالج مشكلة البطالة، ويقدم في الوقت نفسه دعما ماليا للباحثين عن العمل. هذا الدعم لا يمكن إيصاله لمستحقيه دون حصول طالب، أو طالبة، العمل على حساب في أحد المصارف السعودية، وهو ما لم يتحقق بسبب تعند البنوك السعودية. تعسف المصارف في فتح حسابات للمواطنين يعني الوقوف حجر عثرة أمام تنفيذ البرنامج الوطني، ويعني أيضا عدم المساهمة في تنفيذ الأمر الملكي الكريم. مؤسسة النقد العربي السعودي مطالبة بحمل البنوك على فتح الحسابات بقوة النظام، ومعاقبة كل من يرفض أو يتعسف، أو يسوف، أو يُطالب بمبالغ مالية لفتح الحسابات الجارية للمستفيدين. هناك تقصير واضح من قبل البنوك في دعم البرنامج، وقصور في فهم العلاقة المصرفية الإستراتيجية مع العملاء، وتجاهل تام للمسؤولية الاجتماعية، ما يستوجب تدخل مؤسسة النقد لحمل البنوك على تطبيق النظام، ومعاقبة المُقصرين.
f.albuainain@hotmail.com