تعتبر شهادة الدكتوراه الشهادة الأعلى في المراحل الدراسية. وتمنح هذه الشهادة في أي تخصص من التخصصات وفق برنامج معين يختلف باختلاف الجهة المانحة لهذه الشهادة. ويتطلب النظام التعليمي الأمريكي أن يدرس الطالب عدداً من المواد الدراسية في مجال الدراسة نفسها لمدة سنتين في المتوسط قبل عملية الشروع في إعداد الرسالة التي تستغرق ما بين سنة إلى سنتين في المتوسط. أما النظام التعليمي الأوروبي فيعتمد اعتماداً أساسياً على الرسالة نفسها ولا يتطلب أخذ مواد دراسية قبل الرسالة إلا في حالات معينة. وبالتالي فإن معظم دول العالم تأخذ بأحد هذين النظامين أو كليهما معا.
إن الهدف من الحصول على شهادة الدكتوراه أن يعمل الدكتور في المجالات الأكاديمية والبحثية. ويقاس نجاح الحاصل على شهادة الدكتوراه أو فشله في قدرته على ما يقدمه من بحوث ودراسات علمية موثقة في مجال تخصصه أو بما يساهم به من ترجمة وتأليف لعدد من الكتب ونحوها. ولا شك أن عدداً كبيراً من حملة هذه الشهادة لم يحققوا الهدف الذي من أجله تم حصولهم عليها. حيث نرى أعداداً منهم لم يقدموا البحوث والدراسات العلمية اللازمة حتى أن بعضهم يحال على التقاعد دون أن يقدم بحثاً أو دراسة واحدة. وهذا الأمر يتنافى مع ما هو متوقع أو مأمول منه.
وتجدر الإشارة إلى أن البعض الآخر منهم يتوقف عند درجة أستاذ مساعد التي تم تعيينه عليها عندما حصل على هذه الشهادة لأول مرة ولم يتمكن من الحصول على درجات أعلى في السلم الوظيفي الخاص بهذه الشهادات. ويرجع السبب في نظري إلى عدم توفر المهارات الأساسية لدى البعض في البحث والدراسة أو ربما كان الهدف من حصوله على شهادة الدكتوراه أن يظفر بالوجاهة والمناصب العالية أو ربما حصل عليها من جامعة ضعيفة أو استخدم طرقاً أخرى كالواسطة والغش والتزوير والرشوة وغير ذلك. وفي هذه الحالة يكون السحر قد انقلب على الساحر حيث أصبحت الشهادة عبئاً ثقيلاً عليه.
ولا شك أن شهادة الدكتوراه مثل غيرها من الشهادات الدراسية الأخرى لا تكسب حاملها المهارات القيادية والإدارية والبحثية والإبداعية إن لم تكن موجودة أصلا لدى حاملها. ونقع في خطأ كبير إذا افترضنا أن حامل شهادة الدكتوراه هو الأفضل من النواحي العلمية والإدارية والقيادية في كل الحالات. ولذا ينبغي النظر إلى توفر القدرات والمهارات اللازمة لحامل شهادة الدكتوراه قبل التسليم بتوفر تلك القدرات والمهارات لديه بدليل حصوله على الشهادة فقط. هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد يتوفر بحاملي الشهادات الأخرى ما يفوق أصحاب هذه الشهادات من جميع النواحي.
أما في المجال الإداري فإن العالم المتقدم يحسن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب فوجه أصحاب الشهادات العليا نحو الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث. ومن النادر جداً أن نسمع أن وزيراً أو قيادياً أو حتى رئيس لجنة يحمل شهادة الدكتوراه حيث إنهم يعتمدون على توفر المهارات والقدرات والخبرات لدى الشخص نفسه عند عملية الاختيار سواء في التوظيف أو التعيين. أما نحن فقد ركزنا النظر على حرف الدال ونسينا أن هذا الحرف قد يكون مخيباً للآمال أحياناً. كما أننا من ناحية أخرى قد أحطنا حامليها بهالة جعلتهم في النهاية يتوهمون بها.
(*) عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة
Yousefms@ipa.edu.sa