في الآونة الأخيرة، عمل المؤسس لإحدى الشركات الرائدة في عالم التكنولوجيا، المولود في الصين، على تحديد الفارق بين ثقافتي الأعمال الغربية والصينية. ففي الغرب، على حد قوله، يُسلَّط التركيز على «تغطية ظهوركم»: حيث تحتل المخاطر والمسؤولية أولوية اهتمامات المسؤولين التنفيذيين، وتنفق الشركات الكثير من الأموال من أجل تعيين المحامين وصياغة العقود الرامية إلى السيطرة على المخاطر. أما في الصين، فالأمور جميعها تتعلق بـ «إظهار الاحترام»، وذلك عن طريق التوصل إلى اتفاقٍ مع الطرف الآخر تفادياً للتصادمات أو الدعاوى القانونية. وقد أوضح المؤسس المذكور أنّ ثقافة الأعمال في الصين هي أساساً أرفع شأناً.
هل هو على حق؟
إنّ الثقافة التي ترتكز على إظهار الاحترام، تنظر إلى النزاعات على أنها فشل على مستوى إدارة العلاقات، في حين أنّ مقاربة الغرب تترك مسألة حلّ المشاكل لتفسيرات القانون. هل نحن مستعدون فعلاً لتقبّل الفكرة القائلة بأنّ إدارة العلاقات تشكّل أساساً أفضل لثقافة الأعمال من حكم القانون؟
والمشكلة الأساسية في هذا الإطار تكمن في إرساء التوازن بين كلفة الصفقة من جهة ونطاقها من جهة أخرى. ففي ثقافةٍ قائمة على العلاقات الإنسانية، يمكن لكلفة صفقة الأعمال الظاهرة أن تكون متدنيةً، لكن ثمّة بعض الشروط المهمة التي تتلخّص في ما يلي: 1) الأطراف المعنية تعرف بعضها البعض، 2) وتربط في ما بينها علاقات عاطفية، و3) تتشاطر فيما بينها ثقة متبادلة بناءً على هذه الروابط. بكلامٍ آخر، ينبغي على الأطراف المتعاقدة أن تكون عبارة عن أصدقاء لإجراء الصفقة أو أن تصبح كذلك من خلال سلسلة من الطقوس الاجتماعية، على غرار الولائم، وجلسات الشرب أو تبادل الهدايا.
ولكنّ ثمة بعض المشاكل في هذه المسألة. فالأشخاص مقيّدون بمجموعات محدودة من الأصدقاء ولا يملكون سوى وقتٍ محدودٍ لإرساء علاقات صداقة جديدة. وعندما يتحرّك الناس خارج شبكات الثقة خاصتهم، ترتفع بوتيرةٍ سريعةٍ كلفة إرساء العلاقات الإنسانية لأهداف الأعمال، والأمر سيان بالنسبة إلى مخاطر الاستغلال. ومن هذا المنظار، تصبح منافع الثقافة القائمة على حكم القانون أوضح. ومن المحتمل أن تفرض القرارات القائمة على حكم القانون بعض التكاليف على الصفقات ضمن شبكات الصداقة لصانع القرارات، ولكنها قد تجعل من الممكن كذلك احتواء كلفة الصفقات المبرمة خارج نطاق الشبكة إياها.
وبالطبع، يمثّل حكم القانون أساساً أفضل لثقافة الأعمال، ولكن، إن كان على الصين الإعداد لثقافة مماثلة، فحريٌّ بوجهة نظر أصحاب المشاريع الجديدة فيها أن تتغيّر بشكلٍ جذري.
(جيشين شياو هو أستاذ مساعد في كلية الأعمال الدولية الاوروبية-الصينية (China Europe International Business School) في شانغهاي ومدير مركز الأبحاث لريادة المشاريع).)