|
أكد الشيخ الدكتور ناصر بن إبراهيم المحيميد رئيس التفتيش القضائي في المجلس الأعلى للقضاء أن سعة وشمول قضائنا المستند على الشريعة الإسلامية الخاتمة للشرائع السماوية أمر متقرر لكافة المطلعين على هذا الأمر والمعنيين به ومن هذا المنطلق جاءت العقوبات في هذه الشريعة الخاتمة مناسبة لكل زمان ومكان، شاملة لكل أنواع الوقائع، سواء كانت عقوبات حدية منحصرة، أو تعزيرية واسعة؛ قابلة للتنوع والتغير بحسب أحوال الزمن والوقائع، فيحدث للناس من القضاء وفق ما أحدثوا من القضايا، وهذا التنوع في الأقضية التعزيرية، يقوم على ركائز أساسية ثابتة، وينطلق من دعائم أصيلة راسخة.
ولفت الشيخ المحيميد أن في السنوات الأخيرة كثر الحديث عن العقوبات التعزيرية البديلة، وجاءت المناداة الواسعة بالنظر في أنواعها وأحوالها، وخاصة لما كثرت الوقائع الموجبة للعقاب، وأصبح إيقاع العقوبة تحيط به عدة أطر، تتعلق بالمحكوم عليه ومن يعول، وبالمجتمع ومن يخالط، وبالدولة وما تنفق، كما جاءت الدعوة الصريحة لإيجاد مراجعات للعقوبات الشهيرة فيما يحقق الهدف من دفع جماح الخطيئة بأسهل الطرق وأسلم الأحكام وأيسرها. ومن هنا تحركت المنظمات الدولية، والجهات البحثية العلمية والمؤسسات القضائية، والجهات التنفيذية لتفعيل أنواع من العقاب تخرج عن دائرة العقوبة بالسجن ونحوه، فأُعدت الأنظمة والدراسات لتقرير بدائل عقابية متنوعة تطرح أفقاً واسعاً لمفهوم العقاب, يمكن إنزاله في المجتمعات لدفع الجريمة وحصر آثارها السلبية، وقد قرر علماء الأمة سعة النظر في تقرير العقوبات التعزيرية، لأن العقوبات التعزيرية بجميع أنواعها يرجع أمر تعيينها وتقديرها وتقريرها إلى اجتهاد القاضي المستند إلى النظر المصلحي الذي يناسب الواقعة والفاعل والمجتمع والزمان والمكان، قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: ولما كانت مفاسد الجرائم متفاوتة غير منضبطة في الشدة والضعف والقلة والكثرة جعلت عقوباتها راجعة إلى اجتهاد الأئمة وولاة الأمور، بحسب المصلحة في كل زمان ومكان وقد ظهرت مناداة عامة بالدعوة للتوسع في إيقاع العقوبات البديلة عن السجن بشتى أنواعها وقد وجدت دراسات وأنظمة تقرر هذه البدائل وتؤصلها وتدعو لها وهناك نوع من أنواع هذه البدائل ألا وهو الإلزام بالعمل التطوعي يحتاج لمزيد بحث ودراسة لأن بعض صوره متصلة بالجانب التعبدي المحض أو المشترك، ولعل مثل هذه الملتقى العلمي المتخصص الذي تنظمه وزارة العدل الرائدة ضمن المراحل العلمية لمشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء يكون رافدا لبحث هذا الأمر وتأصيله وتقرير أنواعه ومدى مناسبتها ومشروعيتها.