لم يستغرب أحدٌ تدبير النظام الإيراني للمؤامرة الفاشلة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إنَّ الجميع متيقِّنٌ من طبيعة النظام الإرهابية، وأنَّ فلسفته قائمة على الإرهاب التي تستند على شبكة كبيرة من الخلايا الإرهابية التي لم تعد قاصرة على الدول العربية، فهذه الشبكة ممتدة في كل أنحاء العالم، وتتعامل مع الشبكات الإجرامية الأخرى، سواء تلك المتخصصة في تنفيذ الأعمال الإرهابية أو تهريب المخدرات وحتى العصابات التي تتاجر بالبشر والجنس. ولقد كُشف عن العديد من العمليات الإجرامية التي مولتها إيران، وكان لدبلوماسييها وسفاراتها دور رئيس فيها، مثلما حصل في الأرجنتين وألمانيا والكويت ومصر والمغرب والبحرين.
لهذا فلم يكن مستغرباً أن تسعى إيران لتنفيذ عملية إرهابية في أمريكا ضد السفير السعودي، ونجاحها -لا حقق الله لها مرادها- يحقق جملة من الأهداف في عملية واحدة، رغم فداحة الجرم، إذ إنَّ اغتيال سفير دولة صديقة لأمريكا على أرضها يستهدف أول ما يستهدف إحداث شرخ في العلاقة السعودية الأمريكية، لأنَّ أمريكا عجزت عن تأمين الحماية لسفير دولة مهمة وصديقة لأمريكا.
ثانياً: إسقاط أكبر عدد من الضحايا الأمريكيين والسعوديين، ولهذا فقد كان الهدف مطعماً يرتاده كبار الساسة الأمريكيين واعتاد السفير السعودي التردد عليه.
ثالثاً: توجيه رسالة قوية لكل أصدقاء أمريكا وبالذات الدول العربية، لإفهامهم بأنَّ الصداقة مع أمريكا لن تمنع يد الإرهاب الإيراني من الوصول إليهم.
رابعاً: توجيه الأنظار بعيداً عمَّا يجري في سورية من إبادة للمحتجين، وتأخير سقوط نظام دمشق حليف النظام الإيراني الإرهابي.
خامساً: نقل التوتر ورفع درجته في منطقة الخليج العربي، لأنَّ مثل هذه الأعمال الإرهابية وفي مناطق بعيدة يشجع الخلايا الإرهابية المرتبطة بالنظام الإيراني لتنفيذ عمليات مشابهة، لخلق حالة من عدم الاستقرار والانفلات الأمني في المنطقة، تتيح للجماعات الإرهابية التمدد في المنطقة وتخفف الضغط عن عملائها في لبنان والعراق وسورية.
وهذا التخطيط الإرهابي الذي لا يردعه قيم ولا أخلاق، ولا حتى القوانين والمواثيق الدولية، يتطلب حياله موقفاً حازماً وإجراءً يستأصل الإرهاب الذي يعمل النظام الإيراني وحلفاؤه على نشره في المنطقة، كما يتطلب فرض مزيد من العزلة على هذا النظام والمتعاملين معه.