تضم بلادنا أقدس بقعتين على وجه الأرض هما: مكة المكرمة والمدينة المنورة, شهد ثراهما ميلاد نور الإسلام، وبدايات الدعوة إلى دين الله، وفي كل جزء من أجزائهما حكاية لمرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي, وفصل من فصوله المشرقة, ومعالم وآثار ومواقع تاريخية مهمة.

وبينهما كان (طريق الهجرة النبوية)، ومنهما وإلى كل بقعة من بقاع الوطن والعالم أجمع - كان لتاريخ دولة الإسلام قصة وموقف، إلى خيبر، وتبوك، وبدر، والطائف، واليمامة، وفي غير هذه المواضع، مواضع أخرى احتوت حضارات، وأمماً لا تزال آثارهم باقية إلى اليوم؛ كما في العلا, ونجران, وتيماء, وغيرها.

كل هذا الغنى والتنوّع والثراء، لم يُستثمر في أقنية إعلامنا المحلي المرئي - التلفزيون, وقنواته المتعدّدة، ولم يتبنّ جهاز التلفزيون - إذا ما كانت إمكاناته لا تؤهّله لذلك - دعوة شركات الإنتاج الإعلامي لاستثمار هذه المواقع، وإضاءتها وتقديمها للمشاهد في كل أقطار الأرض, عبر برامج وثائقية وأفلام تسجيلية.

ومن هنا، كانت رؤية قنوات أخرى لهذه الأمكنة تعي قيمتها وأهميتها، فعمدت قناة العربية والجزيرة وغيرهما، إلى كشف حكايات تلك المواقع وتقديمها لمشاهديها، وأضاءت ما تنطوي عليه من مجريات القصص والأحوال, ومجالات التدبُّر والتأمُّل والجذب, وكل ما يستدعي التلقي.

فيما غاب ذلك عن تلفزيوننا العزيز، بالرغم من أن إحدى قنواته تحمل اسم قناة السيرة النبوية. ومع أهمية ما تقدمه هذه القناة من نقل مباشر للصلوات الخمس من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وإذاعة الأحاديث النبوية الشريفة، ومع القيمة الكبيرة لهذا الطرح لدى المشاهد، إلاّ أنّ ضرورة التنويع في برامج هذه القناة وغيرها، بات مطلباً ملحاً، ولاسيما ومعطيات هذا التنويع ومادته من الكثرة والتعدُّد، وفق ما قدمنا الحديث عنه في مستهل هذه المقالة، ما يجعلها قابلة للاستثمار والتوظيف الأمثل لها من خلال برامج تلفزيونية حيوية، تحقق شيئاً من طموحات القائمين على أمر هذه القناة وغيرها من قنوات التلفزيون السعودي، وطموح المشاهدين كذلك.

كما أنّ موسما الحج والعمرة وتمثل المدينتان المقدّستان محضنهما الرئيس مواقيت بغاية الأهمية، يمكن الاشتغال عليهما لتقديم برامج تواكب هذين الموسمين، وتنقل تفاصيلهما الدقيقة والحميمة للمشاهد، بعيداً عن الرّصد الإعلامي المباشر، إلى معرفة وكشف هموم وتطلّعات وأفكار وأشواق هؤلاء المسلمين الذين يفدون إلى البقاع المقدّسة، وكذلك قصص وتواريخ الأمكنة والمواقع التي يقصدونها وينتقلون بين جنباتها.