قد يظن القراء أنه نوع من الالتهابات الحمية الجديدة التي تنتاب الإنسان فتحيل كلامه بعبعة كلما عطس أو سعل، لكنه في الواقع ليس إلا اضطرابا يصيب العابثين من الرجال كبارا وصغارا يقضي على ما تبقى من رجولتهم وكرامتهم عبر قنوات الاتصال المختلفة، فهو درب شائك تحلو معه الخسائر المالية المبتزة مقابل كل متعة رخيصة، ومحاولة يائسة من رجال يئسوا ملء فراغهم و استعادة مكانتهم بين من حولهم،
فاضطراب الخرفنة الذي أعنيه لا يمت إلى الخرفان بصلة كما قد يبدو، فهو عرض جديد يواكب تقنيات العصر و يمس هوية الرجل الذي ارتضى لنفسه لعب دور الأنثى عبر وسائل الاتصال كي يتصيد الضعاف من الرجال ويبتزهم، أما اضطراب الخرفان فلا أخفيكم أنه ألعوبة المرأة أو الفتاة التي باتت تتصيد الرجال أو تسمح لهم بتصيدها كي تحتال عليهم بأنوثتها، فالنتيجة في كلا الاضطرابين واحدة ومعروفة هي الابتزاز والتسلية، والضحايا الذين ارتضوا لأنفسهم أن يلقبوا بالخرفان (كما باتوا يسمونهم) هم ثلة من الشباب الفارغين بلا هوية، أو حفنة من الرجال الناضجين الراكضين خلف اللهو الحرام بعيدا عن أسوار العائلة. الحقيقة لو تقصينا الأسباب التي آلت بهم لتلك الحال لأعيانا التفكير في إلقاء اللوم والمسئولية؛ فالرجل الذي ارتضى لنفسه أن يقع فريسة الاستغلال والخداع من فتاة طائشة تستدر مصلحة خاصة، يستحق في تحليل النساء ما يجري له، والفتاة التي تلبست شخصية المرأة اللعوب كي تصطاد زوجا أو بنكا ينفق عليها، لا تقل جرما عن أولئك الخرفان ممن يتبعونها، فهي تهدم دون علم أو حتى بقصد منها أسرة كاملة باقتيادها عائلها بعيدا عنها، وهي تهوي تدريجيا بمستقبل شاب مبتدئ نحوالفشل في محاولة مستميتة منه لارضائها، وأظنها في نهاية اللعبة ستتذرع لنفسها بذريعة متداولة ورائجة وهي أن القانون لا يحمي المغفلين، لكن تلك الذريعة في الواقع لاتعفيها أن تكون شريكة بالجرم في إفشاء ظاهرة لا أخلاقية، فاضطراب الخرفنة والخرفان لا يمكن له أن يحدث في غياب طرف من الأطراف المشاركة به، وإيجاد المبررات الواهية التي تبتعد كثيرا عن قيمنا وأصولنا الدينية لن يسهم في تحسين صورة أي منهما، فالمهزلة التي تعيش بيننا منذ عهد الإنترنت والبلاك بيري والآيفون ويرفع أبطالها شعار الحرمان العاطفي وتفشي الملل لا ينبغي أن تستمر،وتعليق الأسباب على الظروف القاسية والحرمان لا يفترض أن يترك دون متابعة عن كثب من أفراد المجتمع، فهو يخرج هؤلاء من بوتقة الإحساس بالمسئولية ويدخلهم في عوالم التحليلات التي قد تجيزلهم حق التصرف كما يحلو لهم، وانصهار القيم وتداعيها مع كل جديد يعبر مجتمعنا لا ينبغي السكوت عنه بأي حال من الأحوال؛ فالتغاظي عمن يلوكون الأخلاقيات سرا وعلانية في شبكات الاتصال لم يعد حقا وحرية نقف أمامه متفرجين، وبظني أننا في أمس الحاجة لحملة مجتمعية أخلاقية شاملة، تقود إلى حفز الرقابة الذتية عند كافة أفراد المجتمع بكافة أعمارهم، وتعمل على زرع فن التعامل برقي مع وسائل الاتصال المختلفة بما يسهم في تطوير وبناء مجتمعنا لا هدمه..
salkhashrami@yahoo.com