برغم عدم استمتاعي بمتابعة كرة القدم؛ إلا أنني أقدِّر هذه الرياضة لاحتكامها لقانون دقيق وصارم تشترك بتطبيقه الجماهير الرياضية، فضلاً عن بعدها عن الظلم إلا ما ندر! إضافة لانتفاء الأنانية الشخصية واجتماع الهدف على فوز جماعي يسجل للمجموعة أكثر من الشخص، مع الاحتفاظ بحقوق المهارة واللعب النظيف!.
فحين ينتشر اللاعبون في الساحة الخضراء وينقضُّون على الكرة كانقضاض الجوارح على الفريسة؛ وينسجم الجماهير بمشاهدة المباراة وقد حمي وطيسها، فجأة.. يحدث ما يعكر صفوهم ويكدِّر متابعتهم ويفت من عضد اللاعبين وهو وفاة لاعب دون سابق إنذار أو احتكاك عفوي أو مقصود من أحد زملائه. وقد شهدت الملاعب الدولية العديد من هذه الحوادث، ولفظ لاعبون أنفاسهم الأخيرة وهم في ريعان شبابهم، وتركوا علامات استفهام كبيرة حول سبب رحيلهم المفاجئ، مع اليقين بأن الموت أجل كلّ حيٍّ وليس له وقت محدد ولا مكان معين؛ {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.
وبحسب ما أصدرته اللجنة الطبية التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم الـ(فيفا) فإن عشرين ألف شخص يموتون كل عام أثناء ممارستهم الرياضة، معظمهم يسقطون ضحايا للأزمات القلبية، بينما هناك حالة واحدة من الموت القلبي المفاجئ لكل مائة ألف لاعب رياضيّ.
ويعرّف علماء الطب الرياضي الموت المفاجئ بأنه (موت غير متوقع يحدث خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الساعة، نتيجة اضطرابات في الشريان التاجي أو الجلطة القلبية المفاجئة، والتي تأتي دونما أية علامات عن وجود مرض في القلب)، وقد يعاني الغالبية العظمى من مرض قلب خلقي فيتطور دون شعور المرء به بسبب الجهد البدني المكثف الذي يؤدي للإجهاد الإضافي للقلب، ومن ثم فشل آليات التعويض في الجسد التي يُفترض أن تكون كافية لإراحته.
وعلى الرغم من الملايين المبذولة على أبحاث أمراض القلب في أمريكا؛ لتلافي هذا النوع من الوفيات إلا أن نسبة الموت المفاجئ بقيت ثابتة، تماماً مثل ظاهرة ابتلاع اللسان التي ظهرت مؤخراً في الملاعب الرياضية بسبب التعرض لضربة عنيفة على الرقبة قد تؤدي للوفاة بوقت قصير جداً، حيث يترتب عليها انسداد مجرى التنفس وتمدد الأوعية الدموية وهبوط مفاجئ في ضغط الدم مما يسبب الجلطة، وبالتالي الوفاة غالباً بعد مشيئة الله.
وأشارت مجلة (فرانس فوتبول) الفرنسية إلى أن العمر المناسب للاعبي كرة القدم المحترفين قد تراجع للنصف خلال العقدين المنصرمين من 12 إلى 6 سنوات، بسبب الجهد الكبير الذي يبذلونه في الملاعب وبشكل مستمر.
يحدث ذلك لأنّ اللاعبين لا يحصلون على الحدّ الأدنى من فترات الراحة والاستجمام لإجبارهم على خوض عدة مواسم رياضية متتابعة إرضاء لإدارات قاسية تحولت فيها أهداف اللعبة النبيلة من الهواية والتسلية والترفيه وإشغال وقت الشباب بهذه الساحرة المدورة إلى الاحتراف والمهنية والمردود الاقتصادي؛ لتصبح تجارة مربحة في ظل عالم مادي أمسى اللاعبون فيه دمى!.
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net