بغض النظر عن نتيجة مباراة منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم ظهر أمس أمام منتخب تايلاند في تصفيات كأس العالم (أكتب قبل المباراة ومعرفة النتيجة) فإن وصول مستوى الكرة السعودية إلى درجة أن وضع الكثيرون جداً أيديهم على قلوبهم قبل مباراة أمام أحد منتخبات القارة، ووجود نسبة عالية في استفتاء للجماهير السعودية ترشح وتعطي الفوز للمنتخب الذي كان إلى عهد قريب يصنف في المستوى الرابع أو الثالث في القارة، وكان المنتخب السعودي يتسيد القارة ويصنف ضمن الأوائل.. الوصول إلى ذلك يعني أموراً كثيرة لا بد من التوقف عندها طويلاً. لنترك جانباً حقيقة أن المنتخبات الأخرى تطورت وتقدمت وارتقت بمستوياتها، غير أن الأمر لم يكن ليصل إلى الهلع الذي كنا عليه والمخاوف التي اجتاحتنا قبل مباراة الأمس لو كان الأمر مجرد أن الأخضر ظل واقفاً، وأن الكرة السعودية توقفت عن الحراك والإنتاج والمشاركة في كل البطولات المتاحة حتى وإن لم تسجل حضوراً جيداً أو لافتاً. إذاً الأمر غير ذلك بتاتاً. أكيد (في حاجة غلط) في العمل والمسيرة والبرامج جعلت المنتج يتقهقر ويتخلف ويحتاج إلى مراجعة وإصلاح، فهناك في القارة منتخبات لا تحضر في كل المشاركات والبطولات، ووضعها أفضل، ومنتخبات لا تملك دوريات مبرمجة، ولا مسابقات منتظمة، وحالها أحسن، وهنا (مربط الفرس) وموضع التساؤل وعلامات الاستفهام، لماذا وصل الحال إلى الوضع الذي أصبح عليه الأخضر وهو منتخب يملك دورياً مثل الدوري السعودي، الذي وإن تراجع ولم يعد بوضعه السابق إلا أنه يبقى دورياً قوياً (وليس الأقوى)، ويبقى دورياً مثيراً، ودورياً جماهيرياً ودورياً متابعاً ودورياً إعلامياً.. غير أن درجة الإنتاجية والاستفادة وانعكاس مستواه وقوته ومخرجاته ضعفت بشكل كبير ولافت.. ما السبب في الوضع الذي يعيشه المنتخب؟
أحد الأسباب من وجهة نظري أن (منظومة) العمل الرياضي أصبحت في منأى عن بعضها، ولم تعد تعمل كمنظومة واضحة في كثير من الاتجاهات والأوقات والأعمال والأطراف أو الأدوات المهمة، وليس من الصعوبة الوصول إلى ذلك بالنظر إلى (المواقف) التي تحدث بين العديد من هذه الأطراف والأدوات، وللنظر إلى الحال بين بعض اللجان المهمة في الاتحاد السعودي لكرة القدم وبعض الأندية الكبيرة والمؤثرة يبدو الأمر في بعضها وكأن هناك (عداوة) بينها، ولست بحاجة لأذهب بعيداً لأستحضر الأمثلة التي أستشهد بها؛ فما يتم تجاذبه هذه الأيام بين لجنة الانضباط والأندية حول اللائحة الجديدة خير شاهد؛ إذ لا يوجد نادٍ راضٍ عن اللائحة، ولا يوجد ناد أُخذ برأيه قبل إقرارها، ولم تقبل اللجنة الاعتراضات والملاحظات التي أبدتها الأندية، وتمسكت بتطبيق اللائحة (بأثر رجعي) رغم كل ما فيها وعليها. هذا جانب..
جانب آخر يبدو الأمر فيه وكأن هناك (قطيعة) بين بعض اللجان وبعض الأندية كما هو الحال مع لجنة المسابقات ولجنة المنتخبات، فالأولى لا تريد التنازل فيما تراه، حتى وإن كان فيه تعارض مع مصلحة ناد من زاوية مصلحة الكرة السعودية، والثانية لا تكترث بمشاركات الأندية وحضورها المحلي وموقف إداراتها أمام جماهيرها، وهي تفرغ فرقها السنية من نجومها وأسمائها البارزة وسط معمعة المشاركة واستمرار المنافسات، وكأن اللاعبين لا ينتمون لأنديتهم أو ليسوا من صناعتها. إن سير العمل في بعض لجان اتحاد كرة القدم وعلاقتها مع بعضها بعضاً في جانب التنسيق والتكامل يظهرها وكأنها تسير في خطين متوازيين، لذلك لن يلتقيا وكأنها لا تعمل تحت مظلة اتحاد واحد. أما العلاقة بين بعض اللجان وبعض الأندية فتظهر وكأن الأندية في وادٍ واللجان في شعيب.
كلام مشفر
ـ معظم القرارات التي تصدرها لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم تلزم الأندية بها وبتطبيقها، وليس لها حق الاعتراض أو المراجعة، حتى مع وجود العشرات من الملاحظات والتحفظات والرفض على القرارات. والغريب أن يُقال إن القرارات صدرت بموافقة إدارات الأندية وبعد العرض عليها!!
ـ والأدهى والأمرّ من ذلك أن يُقال عن بعض اللوائح إنها صدرت بموافقة واعتماد الاتحاد الدولي لكرة القدم وبتطابقها مع لائحته الدولية، ثم يزاد على ذلك بأن الفيفا بعث خطاب ثناء وإشادة بها، فكيف تشيد هيئة كبيرة بلوائح استمدت وأخذت منها وتتوافق مع لوائحها وأنظمتها؟ ولماذا مثل هذه الخطابات لا تنشر؟ فلعل بعض الرياضيين يرغب في (بروزتها) وتعليقها في مكتبه أو مجلسه!
ـ من أقوى ما قيل عن لائحة الانضباط الأخيرة هو أن خبيراً وأستاذاً للقانون ومحامياً كبيراً ومخضرماً مثل البروفيسور عمر الخولي بحث في بنودها عن شيء (صح) فلم يجد، وأنا أقول يا بروفيسور لا يسمعك الفيفا الذي (زكى اللائحة) قبل أن ترى النور.
ـ في كل نظام أو قرار أو لائحة (تجبر) الأندية وتطبق الجديد مرغمة مع وجود تفاوت في درجة القبول، ترى هل تتنازل لجنة واحدة ولمرة واحدة عن فرض لائحتها وتلغيها، وعلى الأقل تؤجل العمل بها حتى إشعار آخر من أجل خاطر الأندية التي اعترضت كلها؟!