كتب الدكتور عبد العزيز السماري في جريدة الجزيرة موضوعاً قد لا يكون جاداً فيه، تحدث عن طبيعة سكان نجد وما هي عليه من غلظة وقساوة وجلافة، وأنها تفتقر إلى كل ما يجلب الفرح للإنسان وأن العلاج هو نقل سكان المنطقة إلى المناطق الساحلية لأنها مناطق منفتحة بيئتها ومتداخلة ومتنوعة.
وقد أثار هذا المقال مجموعة من الكتاب أبرزهم الأستاذ حمد القاضي الذي عقب على الكاتب وفند ما أورده من أفكار وتحدث عن نجد حديث المنصف المحب.
وعودة للمقال فإن أول ملاحظة عليه أن سكان نجد ليسوا سكان نجد الأولين، فهي تضم خليطاً من أبناء مناطق المملكة العربية السعودية من عسير والحجاز والأحساء والمناطق الشمالية، وفي المقابل هناك من نزح من النجديين إلى المناطق السابق ذكرها، ثم هناك مجموعات كبيرة ممن قدموا من خارج المملكة من عرب وعجم، ومن ثم لم تعد بيئة نجد في هذا القرن كما كانت عليه في القرن الثالث عشر وما قبله.
والنقطة الثانية: أن الكاتب فاته أن منطقة نجد ليست منطقة منغلقة كما يقول وليست جافة وجامدة كما وصفها، فما تتميز به مناطق الساحل قد تكون موجودة على نحو وآخر، ثم إن انبساط طبيعة المنطقة ووجود واحات ورياض فيها في القديم كانت مصدر متعة للإنسان، ويكفي أن أبناء القبائل العربية النجدية الذين رحلوا إلى الشرق والغرب أثناء الفتوحات الإسلامية ظلوا يتغنون بنجد وهواها وأرضها ورياضها ويحلمون بالعودة إليها.
أما في الشعر الشعبي المحلي فقد كانت نجد هي الملهم لقصائدهم وكانت مرتع خيالاتهم، وكم عبروا عن الشوق إلى مرابعها، وكم حنوا إلى صحرائها وإلى نجومها وسمائها.
في النهاية ولضيق المساحة هنا أشير إلى أنني تناولت جانباً كبيراً مما يدخل في هذا الموضوع في كتابي «المرأة في نجد ووضعها ودورها» الصادر عن دارة الملك عبد العزيز لهذا العام، وبينت فيه ما كانت عليه الحياة من قسوة ومع ذلك كان حب المنطقة هو البارز، وبينت أن السكان خاصة النساء كانوا يمارسون الألعاب والسهر في الصحراء والقرى ويعرفون المرح وينشدونه ويتفاعلون تفاعلاً كبيراً في مجتمعاتهم.