حقيقة لم يخطر ببالي أن أكتب عن تلك التهمة الملفقة، الزائفة، الباطلة التي وجهت إلى صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال والتي تقدمت بها ضده للمحاكم فتاة من بيزالاسبانية.. وعدم كتابتي يعود أصلاً إلى قناعتي التامة بل وقناعة العالم أجمع أن الوليد ليس بحاجة لمن يدافع عنه مثلي، لأنه بمقدوره أن يجيش أكثر من مليون محام لو كان في هذه الحكاية ولو ذرة ضئيلة من الصحة، ولكن ما حرضني صدقاً في تناول هذا الموضوع هو أن الغرب (المتخلّف) لم يزل يعتقد أن العرب لم يزالوا (مضبوعون) من مكائدهم القذرة وأحابيلهم الواهنة لمجرد (التهويش) عليهم من الناحية الجنسية لأنهم دأبوا أن يدفع العربي جل ماله وحلاله من أجل الستر ولا رعب الفضيحة!! ففي الغرب المتحضر أو بالأصح (المتحقّر) من السهل على أي رجل سافل أن يرسم خطة سافلة بالاشتراك مع امرأة سافلة للإيقاع بأي رجل أعمال عربي بل وحتى سائح خليجي بسيط وجر (رجله إلى الشرك) لتبدأ مساومة مُنحطة لتخليصه مما أُوقع فيه من مأزق مرسوم سلفاً، ولكن مثل حالة الأمير الوليد فالأمر مختلف تماماً إذ لا يمكن أن تنطلي (فرية) أن الوليد يتحرش بامرأة (!!).
فكيف يصدق أي ذي عقل أن يتحرش بامرأة ضحك عليها سمسار وضيع، وأوهمها بسهرة في يخته الخاص، ثم إذا ما كانت تمتلك ولو ذرة من الشرف فكيف تنقاد إلى السمسار ثم تتذكر في اليوم التالي شرفها المصون؟ لتدعي أن الوليد خدعها فيا للكذبة التافهة والحيلة المكشوفة والسيناريو (الرّث).
ثم إن الذي حرضني على تناول الموضوع ثالثة فهي الإطلالة الصبوح لوجه صديقي الساخر حقاً إدريس الدريس الذي تناول هذا الموضوع بسخريته المدهشة على الصفحة (12) من جريدتنا الغراء هذه في الخميس الفائت التي اشتقت إليها في دغل الكتابات الكئيبة فعلاً والتي تطفح بها صفحات كل صحفنا اليوم لـ(كياتب) يبعثون على المسخرة أو (المشخره) لا فرق، لذلك تمنيت مثلاً أن يصف إدريس حكاية فتاة (بيزا) بأنها ما تسوى (بيزا) وهي عملة هندية تافهة لا تعادل (هللة)، كما أعتقد، ثم لو أن فتاة بيزا الإسبانية ادعت مثلاً على واحد (كحيان حفيان.. مهو شايف خير) مثلي أو مثل صديقي إدريس لجاز أن يصدقها الناس لما في ذلك أهلنا الأقربون، ولكنها على أية حال - أي قصة (بيزا) ذكرتني بقصة ظريفة مماثلة تكشف عن مكائد النساء مهما بلغن من القبح إذ كنت أزور صديقاً يعمل محققاً في إحدى دولنا الخليجية. وفجأة اقتحمت الباب علينا فتاة لا تشبه إلا العنز أو الحرباء أو السعلاة أو سمها ما شئت من الأسماء التي تنطبق عليها إلا كونها فتاة. ثم انخرطت ببكاء يشبه مواء القطة الهرمة المتساقطة الأسنان بفعل عوامل التعرية وعوادي الزمان، ثم ابتدأت بالكلام قائلة لا فض فوها - مع أنه مفضوض من الأذن إلى الأذن - يا حضرة المحقق أشكو إليك (فلان الفلان الذي يلاحقني في كل مكان وفضحني عند أهلي والجيران وجعل من سمعتي (علكاً) في أفواه النسوان وقطع نصيبي مع الشبان، وأخذت تندب وتلطم وتشنج (وتتحلطم) فأخذت المحقق الشهامة العربية ونهض كالفارس الهمام وقال: أبشري أيتها الفتاة سأسحقه وأمحقه وأجعله خبراً إثرعين، وأردف من عندياته. يا شرطي احضر لي هذا الحيوان قليل الوجدان. وبعد فترة وجيزة دخل الشرطي مصحوباً بشاب طويل جميل أنيق حليق فهب المحقق مزمجراً. أما تستحيي على وجهك أن تلاحق هذه الآنسة من مكان إلى مكان حتى (زهقتها) الحياة! فضحك الشاب حتى بدأت نواجذه الناصعة البياض وقال يا حضرة المحقق: بالله عليك هل تصدق أن واحداً مثلي بهذا الطول والزول أن ألاحق هكذا (سعلاه) لا يشبهها إلا الظرنبول. ثم أقسم الشاب ثانية والله إنها هي التي تلاحقني حتى جعلتني أزهق حياتي من كثرة ملاحقتها لي. وهنا ضحك المحقق وقال يا شرطي زج هذه المخلوقة بالسجن وحرر ضدها تهمة بلاغ كاذب وإزعاج السلطات ومراودة هذا الشاب عن نفسه وأغلق المحضر.انتهى.