Wednesday  11/10/2011/2011 Issue 14257

الثلاثاء 13 ذو القعدة 1432  العدد  14257

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الشفافية والمساءلة مفهومان مترابطان كل منهم يعزز من وجود الآخر، لذا فإن غياب عامل الشفافية لا يُمكن وجود المساءلة، وما لم يكن هناك مساءلة فلن يكون بالتأكيد للشفافية أية قيمة في ظل غياب المساءلة، وتعتبر الشفافية والمساءلة ركناً أساسياً ومهماً في حياة الشعوب المتحضرة والراقية، التي تؤمن بالنهج الديموقراطي البناء من خلال الحوار الهادف في عملية المكاشفة والمحاسبة والمصارحة.

ويقصد بالشفافية خلق بيئة تكون فيها المعلومات المتعلقة بالظروف والقرارات والأعمال الحالية متاحة ومنظورة ومفهومة، وبشكل أكثر تحديد توفير المعلومات وجعل القرارات المتصلة بالسياسة المتعلقة بالمجتمع معلومة من خلال النشر في الوقت المناسب والانفتاح لكل الأطراف ذوي العلاقة، وهذا يعنى أن تكون الأجهزة الإدارية العامة - تشبيهاً- في صندوق من زجاج، بحيث يرى الجميع بوضوح ما تقوم به من أعمال وما تباشره من مهام وما تديره من برامج وما ترتبط به من علاقات، إضافة إلى الكيفية التي تُمارس فيها كل ذلك.

أما المساءلة الإدارية، فهو تعبير عن التزام منظمات الإدارة العامة بتقديم حساب عن طبيعة ممارستها للواجبات المنوطة بها بهدف رفع الكفاءة والفعالية لهذه المنظمات, وهى منظومة تضم آليات وعناصر لضمان النزاهة والشفافية والقضاء على الفساد الإداري والمالي وتحقيق الصالح العام.

والشفافية تعتبر عنصراً رئيساً من عناصر المساءلة البيروقراطية والتي تعتمد في عملها على الجهاز البيروقراطي اعتماداً كبيراً لتوفير المعلومات وصحتها والتدقيق فيها، ولكي تكون المؤسسات المستجيبة لحاجات الناس ولمشاغلهم منصفة، عليها أن تكون شفافة وتوفر معلومات كافية تساعدهم على فهمها ومراقبتها، والشفافية هي الخطوة الاولى في محاربة الفساد، لكنها تتطلب وسائل اتصال ومجتمع قادر على الحصول على المعلومات من مصادرها واستخدامها الاستخدام الأمثل في مساءلة الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، حيث أن نشر هذه المعلومات يوسع دائرة المشاركة والرقابة والمحاسبة ويحاصر الفساد.

كما إن مصطلحا الشفافية والمساءلة الإدارية سوف يدفعنا حتماً نحو مفاهيم أخرى لها علاقة قوية بهما هما الفساد الإداري والمالي بشتى صوره وأشكاله، وعند غياب مفهوما الشفافية والمساءلة ينتشر الفساد، وهو شيء طبيعي وذلك لغياب عامل المساءلة، وانعدام المحاسبة، حيث إن مصدر الفساد وقوته يكمن في الغموض وعدم الوضوح بشأن السرقة والرشوة والخداع والنصب والاحتيال والتخاذل والتآمر وغيرهما من مظاهر الفساد.

وفي المجتمعات العربية لنا خصوصية في الفساد الإداري والمالي، المتمثل في السلوك غير الأخلاقي والذي يعني استعمال الوظيفة العامة (بجميع ما يترتب عليها من هيبة ونفوذ وسلطة) لتحقيق منافع شخصية مالية وغير مالية وبشكل مناف للنظام والتعليمات، حيث يجد الموظف العام مصالحه الشخصية ذات تأثير كبير على ممارسته سلطاته الوظيفية بشكل موضوعي، ومن أشكاله استغلال النفوذ والتصرفات المالية ومحاباة الأقارب وتوظيفهم وقبول الهدايا والمنافع والتمييز بين الموظفين...الخ.

لذا فإن النتائج التي سوف تُحصد من وراء تلك الممارسات وذلك الفساد بصوره المتعددة والمتكررة خطيرة جداً للغاية، فهي تؤدي إلى هدر كبير للموارد المادية والبشرية، وبالتالي ضعف عملية البناء والتنمية الاقتصادية في المجتمعات! وفي الموضوع القادم، سنكمل المتطلبات الأساسية لتفعيل دور الشفافية والمساءلة الإدارية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، والطرق الكفيلة بالدعم والتحسين.

abdulaammar@gmail.com
 

الشفافية والمساءلة الإدارية (1-2)
د. عبد الله بن سليمان العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة