ها هو الحارث اليشكري يخرج من نخل (ملهم) كي يأخذ الثأر ممن قتلوا (الأشيم) الوائلي الذي كان يأوي الصعاليك والأغربة.
وقد كان يعطي لكل المستجيرين به الأمان وها هي (ملهم) تنأى/ يعيد إلى الذهن صوت (جرير) الرخيم الذي لم يزل ماثلاً في الزمان:
(أتبعتهم مقلة إنسانها غَرقٌ
هل يا ترى تارك العين إنسانا
كأن أحداجهم تحدى مقفية
نخل بـ(ملهم) أو نخل بـ(قرانا)
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يا أم عمرو جزاك الله مكرمة
ردي عليّ فؤادي حيثما كان)
***
يمضي الحارث اليشكري
ويتبع نجماً يؤدي به للمجرّة
إذ يضع (الجدي) فوق حجاج الحصان يهتدي بالثريا
ويربكه (الحاجزان)
تتلألأ في آخر الأفق (بنات نعش)
يلوح (سهيل) اليماني للفارس الوائلي
ويرخي العنان
يلوّح بالسيف إلى (جبل الجان)
يودع (أسماء التي آذنته بالبين)
ويملأ زوادته الوبرية من تمرها (الخضري)
***
يلوح له بنبان
يناديه نخل اليمامة
يرنّ بأذنيه صوت (المرقش) يحدو:
(بل هل شجتك الظعن باكرة
كأنهن النخل من ملهم)
***
يحث الجواد ليبلغ (ابن ماء السماء)
ليصلح ما بين بكر وتغلب لتحقن تلك الدماء
يحضر المهر للقصر الذي قد بدا شامخاً
في السراب
يطير غراب/ يتوقف/ يلوي عنان الجواد إلى الخلف، يتطيّر ويبدو له فوق رجم عقاب
قال هو الفال، ليس الغراب
فأرخى اللجام وأعمل أعقابه في الركاب ومضى ينهب البيد عبر البراري الرحاب.