أثار انتباهي، بل ودهشتي الخبر الذي أوردته إحدى صحفنا اليومية وفحواه أن شركة (دريك أن سكل) بالتعاون مع وزارة البترول قد حازت على عقد بقيمة بليوني ريال لإنشاء مركز للبحوث والدراسات البترولية ومقره مدينة الرياض.
وبالرغم مما يبدو من التكلفة العالية للمركز إلا أن مرد تعجبي واستغرابي الشديد أن ينشأ هذا المركز الهام ذو الطبيعة البترولية البحتة في العاصمة الرياض، وليس في احدى مدن المنطقة الشرقية من بلادنا حيث تقع أهم وأكبر نشاطات صناعة الزيت في عالم اليوم.
والسؤال البديهي هو: لماذا اختيرت العاصمة بالذات مقراً لهذا المركز؟ وهل هي بحاجة للمزيد من المراكز وبها ما لا يعد ولا يحصى من المراكز والمؤسسات الكبرى العلمية والاقتصادية والصحية والصناعية وخلافها مما أنشئ في العقود القليلة الماضية والمزيد منها لا يزال في مراحل الإنشاء المختلفة، كما ورد مؤخراً عن إنشاء جامعة للعلوم الإلكترونية؟.
ومما لا شك فيه أن نسبة عالية مما تحقق من منشآت جديدة على اختلافها هدفها تلبية الاحتياجات المتزايدة باضطراد للسكان في العاصمة الرياض بالدرجة الأولى ثم جدة بالدرجة الثانية، وربما بعض المدن الرئيسة الأخرى والذي هو بدوره نتيجة للهجرة السكانية من البادية والأرياف إليها وذلك بخلاف القوى البشرية الوافدة لها من خارج الوطن.
ويمكننا تشبيه ما يحدث هنا بالكرة الثلجية التي يتزايد حجمها كلما انحدرت، والنتيجة الطبيعية لذلك ما نعاني منه جميعنا في عاصمة بلادنا الحبيبة وأبرزها الازدحام المخيف في معظم الشوارع وخاصة وسط العاصمة والذي يتزايد باستمرار تبعاً للزيادة المطردة في العنصر البشري وفي وسائل النقل فيها، وذلك بالرغم من تميز تخطيط هذه المدينة واتساع شوارعها والذي يضعها من هذه الناحية في مقدمة مدن المنطقة.
فالأمر في نظري مرتبط إلى حد كبير، إذا استثنينا الزيادة السكانية الطبيعية، بأن كل مركز أو مؤسسة كبرى يتم إنشاؤها في العاصمة تمثل نواة جذب جديدة لمن يقومون بتشييدها، ثم من يتولون إدارتها أو العمل فيها من إداريين أو فنيين سواء من داخل المدينة أو من خارجها سواء من الأقاليم في المملكة أو من خارجها، وذلك إضافة لطواقم الصيانة والحراسة وخلاف ذلك.
وهكذا تستمر الحلقات في الاتساع من تضاعف معدلات النمو السكاني إلى زيادة أعداد السيارات ثم الضغط على المرافق والخدمات من مياه وكهرباء وسكن وصرف صحي بخلاف النمو المتوقع لمعدلات الحوادث الأمنية، وكذلك مستويات التلوث البيئي الناجم عن كل ما أشرنا له أعلاه.
وختاماً.. أرجو أن يكون ما تطرقت له في هذه السطور ما يعين بعض المسؤولين عن هذا المشروع العملاق (وسواه) في إعادة النظر في المقر الذي اختير له والعمل على تحويله نحو المنطقة التي هي أحق به بحكم طبيعة الأهداف المرجوة من ورائه وبحكم الأسباب الأخرى التي نوهنا عنها أعلاه.