فجأة وبدون مقدمات هل يعقد أن يصرح الأمين العام للهيئة الاستشارية للثقافة الزميل محمد رضا نصر الله لجريدة الحياة بتاريخ ذي القعدة 1432هـ بأن ألف مثقف سوف يلتقون قريباً بعد غياب دام خمس سنوات ليناقشوا خطة وطنية للثقافة دون أن يشير الأخ إلى تاريخ ذلك الموعد القريب، وكأن اجتماع ألف مثقف، وأكيد مثقفة، أمر سهل، وتاريخ انعقاده أمر يتطلب أن يحاط بالسرية وأنه لا يجب الكشف عن موعده. ولكن في تصريح لمعالي وزير الثقافة والإعلام للصحافة السعودية بتاريخ 4-11-1432هـ أشار إلى أن موعد لقاء المثقفين السعوديين سيكون بتاريخ 27 من هذا الشهر، أي بعد حوالي أسبوعين تقريباً، وفي وقت سيكون الأكثرية يتهيؤون لإجا زة الحج وموسم الحج، وآخرون يعانون من زحام المطارات، وصعوبة الحجوزات. وبما أن ذلك كذلك فإنني أرى أن الوقت غير مناسب يا معالي الوزير.
ذكر الأمين العام للهيئة أنه طُلب من المشاركين أو بعضهم أوراق عمل لرسم الرؤية لمستقبل الثقافة في بلادنا على ضوء المواضيع التي أشار إليها في تصريحه والتي قال إن من أبرزها المراكز الثقافية، والمكتبات العامة، والفنون الأدائية، وصناعة الكتاب، ودور المرأة، والجوائز الثقافية، وتفعيل الاتفاقيات الثقافية بين المملكة ودول العالم، وغير ذلك من المواضيع. إنها قضايا كثيرة مهمة وجديرة بالنقاش، ولكن هل هذه المواضيع غائبة طوال هذه السنين؟ وليس لها وجود، وليست هناك جهات قائمة عليها ومسؤولة عن تفعيلها؛ وهل يعقل أنها لم تكن مكان نقاش في مؤتمرات المثقفين السابقة، وهل في إعادة فتح النقاش حولها حل لها؟ أم أن المطلوب وضع آليات لتنفيذ كل ما هو قائم بالطرق الصحيحة من كل جهة مناط بها شيء من مسؤولية عن هذه القضايا ووضع وسائل لمساءلتها ومحاسبتها على التقصير أو عدم سلامة الأداء.
وعلى سبيل المثال منذ أكثر من ثلاثين سنة والحديث لا ينقطع عن تعطيل جائزة الدولة للأدب وماذا عسى هذا المؤتمر أن يضيف من جديد حول هذا الموضوع الذي أصبح من المواضيع التي استهلكت في الحديث عنها. إن الأمر يحتاج إلى قرار وليس إلى مؤتمر يا سعادة الأمين العام، وإضاعة لوقت المؤتمرين في مناقشتها، وهناك كثير من القضايا المستجدة جديرة بالنقاش والخروج بتوصيات ملزمة.
ذكر الأمين العام أن الملتقى سيدعو عدداً من الخبراء العرب في التنمية الثقافية للإفادة من التجارب العربية في أحدث ما توصلت إليه. أنا لا أعرف لماذا الأخ الأمين العام دائماً مبهور بالخبراء العرب، وأننا لن نخطو خطوة نحو ما نريده لأنفسنا إلا باستشارتهم. لو كان في هؤلاء الخبراء العرب من خير لقدّموه لأوطانهم، وخصوصاً أنهم شركاء في صناعة الثقافة في بلادهم.
أتمنى أن يعقد المؤتمر مرة كل سنتين ويكون هناك التزام بموعد دقيق لانعقاده لا يحيد عنه مهما كانت الظروف، كنت أتمنى أن الملتقى حدد موضوعاً أو موضوعين فقط للنقاش والخروج بتوصيات ملزمة تجاهها مثل موضع وضع إستراتيجية واضحة بتنمية ونشر الثقافة في المناطق الطرفية والأرياف، وموضوع دور المرأة الثقافي.
كما أتمنى ألا يتركز اجتماع مثل هذا الملتقى دائماً في المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة، انقلوا هذا الملتقى إلى المدن الطرفية، فعقده فيها جزء من نشر الثقافة في هذه الأنحاء.
أما ما كنت أتمناه وما زلت، وكنت قد دعوت إليه منذ مدة طويلة تحت قبة مجلس الشورى وخارجها أن تكون للثقافة وزارة مستقلة. فالثقافة جديرة بأن تكون لها جهة مستقلة ترعاها ولا تكون تابعة لجهة أخرى، ماذا حدث من تغيير على وضع الثقافة عندما نقلت من الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى أن أصبحت تابعة لوزارة الإعلام؛ في الواقع لا شيء. الثقافة دائماً تعيش على الهامش. نحن لا نريد أن تكون الهيئة الاستشارية نواة لمجلس ثقافي أعلى كما هو معمول به في بعض الدول. لقد أثبت هذا النوع من المجالس فشله والشعوب والدول لا تحظى بالتقدير إلا بتقديرها لثقافتها.