عندما كانت المدرجات (الصفراء) تتفنّن في ممارسة الإفك والقذف بحق المواطن (ياسر القحطاني) عبر مكبّرات الصوت، وتمعن في تكريس ثقافتها تلك لأغراض معلومة أهدافها وأبعادها.
.. كان السواد الأعظم هنا يمارس دور (لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم) وكأنّ على رؤوسهم الطير.. بمن في ذلك السواد، تلك الجهة المعنية بحماية القيم والذوق العام وشرف التنافس وكرامة الإنسان الرياضي من عبث الغوغاء والرعاع.. باستثناء قلّة قليلة من الأصوات والأقلام النزيهة التي ظلّت تصرخ وتستصرخ التدخل لإيقاف ذلك العبث ولكن لا حياة لمن تنادي..؟!
.. وبمجرد أن قامت ثلّة غوغائية محسوبة على المدرج الإماراتي بممارسة تلك الثقافة المصدّرة لها من هنا.. مدعمة بمبادرة من (صحيفة الـ ...) الإماراتية.. وفي انتهازية مفضوحة.. شمّر بعض القوم هنا عن سواعدهم، وأخذوا يذرفون دموع التماسيح بدعوى الانتصار لابن الوطن على حد زعمهم - وكأنّ النّيل من هذا الابن والإساءة له وقذفه من الأمور المباحة هنا في وطنه، خصوصاً إذا علمنا بأنّ بعض هؤلاء ممن لم يستنكروا ممارسات مدرجاتنا على مدى سنوات بحق القحطاني.. بل أكاد أقسم بأنهم كانوا يتلذّذون ويشنفون آذانهم ويتمايلون طرباً على أنغام ذلك العبث.. بل أستطيع أن أقسم على أن حضورهم هذا إنما هو فقط من قبيل استثمار الحدث والظهور بمظهر الشرفاء.. وإلا فإنّ الأفعال القبيحة مرفوضة هنا كما هي مرفوضة في أي مكان في الدنيا.. وأن المسألة مسألة ضمائر ومبادئ لا أقل ولا أكثر..؟!
.. المفارقة الأشد إيلاماً هي أن إدارة العين لم تقتد في موقفها من المسألة بموقف الإدارة الهلالية.. كما أن الجهة المعنية هناك لم تقتف خطى نظيرتها هنا.. بل وقفت بحزم وبادرت بالأخذ على أيدي أولئك الغوغاء ومعاقبتهم.. وكأننا كنا بحاجة ماسة إلى من يهدي إلينا عيوبنا ويعلمنا كيف نتعامل مع بعض الأمور والأحداث التي اعتدنا على أن نقف منها موقف المتخاذل خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالهلال والهلال فقط..!!!
من الأحق بالعقوبة؟!
.. يقول المثل الجنوبي الدارج (من خدعنا مرة حسبنا الله عليه، ومن خدعنا أكثر من مرة حسبه الله علينا)، والمعنى من هذا المثل لا يحتاج إلى تفسير بقدر ما يحتاج إلى تطبيق مفهومه ومضمونه والعبرة منه.. ولنأخذ هنا بعض اللاعبين مثالاً.
.. ونخص منهم أولئك الذين لم يعد يُستغرب ارتكابهم لأي فعل (منفلت) في أي زمان أو مكان تجاه أي شخص آخر دون أي مبرر أو مسوغ بمن في ذلك زملاؤهم في الفريق..؟!!
.. بل إن الغرابة أضحت تتمثل في خروج أي لقاء يخوضونه دون القيام بافتعال واقعة تتحدث عنها الركبان.. وبالتالي فقد استطاعوا قلب المعادلة بحيث أصبحت القاعدة انتظار وترقب جديدهم في هذا المضمار والسلامة هي الاستثناء..!!
.. ولكن المتابع والعارف لسيرة هذا البعض (المنفلت) منذ المواسم الأولى لهم في الملاعب، قد يجد لهم العذر في الاستمرار على هذا المنوال طالما أن ثمة من المنافحين والمدافعين عن ممارساتهم من يحملون ويتحملون أوزارهم وأوزارها.. ما يدفعهم دفعاً لتطوير أدواتهم وأساليبهم المرفوضة..؟!
.. حتى إن الإنسان ليعجب ويُصاب بالدهشة من كون هذا الطابور من المنافحين ما تزال لديهم بقية من لياقة تمكنهم من أداء هذه المهمة الشاقة خصوصاً وأن من ينافحون عنهم قد أرهقوهم بكثرة وتتابع ممارساتهم إلى درجة باتوا معها أضحوكات للقاصي والداني.. حتى إنهم لم يعودوا يلتمسون أدنى درجات التحسب لرأي المتلقي فيهم.. هذا المتلقي الشاهد الذي (شاف كل حاجة) وبالتالي تصبح عملية تضليله عبارة عن لعبة عبثية وفاسدة..؟!
.. لو كانت هي المرة الأولى أو الثانية أو حتى العاشرة التي يمارس فيها هؤلاء خروجهم عن النص لالتمسنا بعض العذر لمن ينافحون عنهم وعن انفلاتاتهم.. أما وهي تأتي كحلقة في سلسلة طويلة جداً من الممارسات والخروقات الموغلة في القبح.. فهنا يجب أن نقول:
.. إنهم لا يستحقون العقاب بعد هذا بقدر ما يستحقه أولئك الذين غسلوا وجوههم بمرقة، ممن أدمنوا على تشجيعهم ودفعهم لارتكاب المزيد من خلال المنافحة عنهم وتحسين سوءاتهم..؟!
خلاص .. التأهل مضمون؟!
.. الآن فقط يمكن القول بأنّ مسألة التأهل إلى نهائيات مونديال البرازيل لم تعد سوى مسألة وقت.. وأن الشارع الرياضي بات أكثر طمأنينة إلى أن تحقيق هذا الهدف أضحى في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى.
.. أما حيثيات هذا التأكيد المفرط غير المتحفظ وغير الحذر.. فلعلها تتلخص في اقتناع الهولندي (رايكارد) أخيراً بضرورة تكييف وتطويع خططه وتكتيكاته لكي تتلاءم وتنسجم مع ظروف (المنقذ) نور الذي عادة ما تكون له اليد الطولى في حل معضلات الأخضر وانتشاله من كثير من المآزق بشهادة التاريخ.. بدليل أننا اهتممنا بمسألة ضمه من عدمه أكثر من اهتمامنا بالمنتخب نفسه.. وبالتالي فما علينا سوى أن نضع في بطوننا أطناناً من البطيخ الشتوي، وإنّ غداً لناظره قريب.
.. للعلم فقط: الكلام أعلاه ليس من عندي، وإنما هو كلام أحد المتابعين الأكثر مني خبرة ودراية بمثل هذه الأمور.
من الأمثال الشعبية
(يدوّر التمر عند مصّاص النوى)