المتابع للفنون المعاصرة وخصوصاً ما يسمى بالفنون المهاجرة التي ينتجها مهاجرون من دول العالم الثالث مثل دول الشرق الأوسط استطنوا دول العالم الأول ومارسوا حرية التعبير من خلال الفنون البصرية، المتابع لمثل هذه الفنون لا بد وأن لاحظ قوة النقد الموجّه من خلال أعمال هذه الفئة تجاه الثقافة التي هاجروا منها التي غالباً ما تكون ذات قوة في التعبير ونقد حاد اللهجة في بعض الأحيان، خصوصا بمقايسس ذائقتنا المحلية.
ومعظم هؤلاء نجدهم من بلدان مرت بمراحل سياسية حرجة دعت عوائلهم إلى الهجرة في المقام الأول، مثل الثورة الإيرانية على سبيل المثال، ومع أن هؤلاء قد هاجروا في طفولتهم، إلا أنهم ما زالوا يحملون ذات الرسالة الناقمة على تلك الثقافة، ومهما كانت تلك الثقافة ذات سياسة مستبدة، إلا أن تأثيرها لا بد أن يقل أو يزول بعد مضي تلك السنين، ولكن ما يؤجج مثل هذه المواضيع لدى هذه الفئة هي وكالات ودور المزادات ومسوقي الأعمال الفنية، والتي تسعى من أجل الكسب المادي إلى البحث عن مواضيع ذات طابع سياسي أو أيدلوجي معين يثير الرأي العام أو المتلقي ليتعاطف مع العمل ومن ثم يساهم في الانتشار من خلال العروض المتنقلة، مما يؤدي إلى رفع سعر العمل قبل البدء في عملية البيع من خلال دار المزادات.
وإذا كان الهدف اقتصادي بحت، فإن التأثير سياسي أيدلوجي، وسلبي في كثير من الأحيان، خصوصا في حالة الشرق الأوسط أو الخليج العربي، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي احتلفت أمريكا بذكرى مرور عشر سنوات عليها هذا الشهر.
وقد سقط بعض فنانينا للأسف ضحية هذا التسييس من أجل نشر أعماله واسمه وفنه، مهما كان الثمن، ومهما كانت الأهداف، فربما كان الهدف الأساسي نقد الذات، ولكن من المتوقع من الفنان أن يكون نقد الذات في محيط البيئة صاحبة المشكلة حتى وإن انتشر العمل عالميا بعد ذلك، ولكن يتنافى هذا المقصد حين يتم عرض هذه الأعمال في محافل دولية وتحت رعاية جهات ومؤسسات لا تطمح سوى للربح المادي من خلال تسويق هذه الأعمال بهذه الصورة.
لست ضد الأعمال التي تحكي ثقافتنا مهما بدت سيئة لدى البعض، ولكني ضد استخدام هذه الثقافة كسلاح يستخدمه الفنان والمسوق للربح المادي، بينما يكون تأثيره سلبي على ثقافتنا ولو بعد حين!.
msenan@yahoo.com