ولَمْ تَرْمقيني
بلَحْظٍ يغادرُ زيتونتيْكِ كنَفْثِ أنينِ،
يرشُّ الأسى في حواشي المكانِ
ولكنْ يحاذرُ أنْ يلتقيني!
وقلتِ: هوَ الحلمُ المستحيلْ
وقلتُ: وقاكِ خواءَ الحياةِ وكان يقيني..
فخيّمَ صمتُ انتظارٍ طويلْ
وأردفْتِ أنكِ لن تَغْلبيني!
فأبصرْتُ بحراً سحيقَ التوجّسِ
يمتدُّ بين مزاحٍ وبيني..
أكانَ خفيّاً مقالُكِ ذلِكْ؟
خفاءَ الفقاعاتِ خلفَ مُحالِك!
فبينَ التّلاشي وبينَ المحالِ اتّساعُ الحدودْ
كبَيْنَ الفناءِ وبينَ الوجودْ
وكنتُ أمِلْتُ بسَعْيي إليكِ طِلابَ الخلودْ!
ألَمْ تعلميني؟
جعلتُ شموعاً لدربكِ كلَّ سنيني
وصيّرتُ للجسدِ الأقحوانِ
غطاءً - بساطاً
جفوني - وعيني
ودِرءاً - يقيكِ صقيعَ التغرّبِ - دفءَ حنيني
أكنتُ سألتُ سرورَ الزّوالِ خلالَ منالِكْ؟
فكانَ دفاعاً مقالُكِ ذلِكْ..
ويمّمتُ قلبي شراعاً إليكِ
ووجدي تلوتُ
بصمتٍ بغيضٍ لخوفي عليكِ
وعُمراً مُضاعاً بعصر حروبٍ
لمَا أسْعَ فيها ولمْ أنجُ منها
طلبتُ، فماذا وجدتُ لديكِ؟
أغَيْرَ ضَياعٍ يُباري ضَياعي
وغيرَ فضائلِ نَبْذِ المباهجِ تُغري امتناعي!
وقلتُ عسى في غدٍ يلتقيني
وفاءٌ تعثّرَ
إنْ تمنعيهِ فلن تُدركيني
إلى أن يحينَ نضوبُ يراعي
أوانَ انقضاءِ سِنِيّ متاعي
أحَقّاً تظنّينَها ترتجيني؟
- بُعَيْدَ اهتراءِ شراعي -
- وغَوْرِ مياهي لتبلغَ قاعي -
أمانٍ تجوبُ المدى بخيالِكْ
... وكانَ وداعاً مقالُكِ ذلِكْ!