كانت شوارع الريــاض بعد احتفالات شبابها الصاخبة باليوم الوطني تغط في صمت عميق ظهيرة اليوم التاريخي للمرأة السعودية يوم الأحد الماضي الموافق 27-10 -1432هـ في تمام الساعة الثانية ظهراً وذلك انتظاراً لخطاب مليكها خادم الحرمين الشريفين «الخطاب السنوي» والذي كان مفاجأة للمواطنين جميعهم رجالاً ونساء! كان وما زال مفخرة ونصرة لكل سعودية عاشت أو شعرت بالتهميش الفكري أو الاجتماعي يوماً ما، وذلك عندما تضمنت كلمته الأبوية الصادقة القرارات الآتية: «ولأننا نرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي في كل مجال عمل، وفق الضوابط الشرعية، وبعد التشاور مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء الذين استحسنوا هذا التوجه وأيدته فقد قررنا التالي: أولاً: مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضواً اعتباراً من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية.
ثانيا: يحق للمرأة أن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية ولها الحق كذلك في المشاركة في ترشيح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف.
فهذه القرارات الملكية الصادقة ماهي إلا استكمالاً لمشاعره الأبوية تجاه النساء عموماً عندما قال «ما شفنا من النساء إلا كل خير» فهذه العبارة الوصفية ذات الوقع العاطفي القوي على قلوب النساء السعوديات التي أصبحت محوراً لحديث مجالسهن لفترة طويلة ولن ينسين هذه المقولة التي عززت من مكانتهن، وقللت من مشاعر التشاحن والتنافس مع أخوانهن الرجال! إلى جانب تلك المواقف الإنسانية التي قام بها كملك وأب لجميع النساء السعوديات منذ استقباله لجموع من السيدات في مقر الديوان الملكي ليكون بذلك رائداً للنهضة النسائية، وما أصدره من قرارات قيادية تابعة بحق المرأة السعودية العاملة في مختلف المجالات، إنما لشواهد تاريخية في مسيرة النهضة بمكانة المرأة التي تقف عاجزة عن التعبير عن شكرها لوالد الجميع «الملك عبدالله أطال الله في عمره» وفرصة لتمكين المرأة بمراكز قيادية تساهم في إيجاد الحلول لكثير من مشكلات النساء وخاصة ذوات الحقوق المهضومة، واللاتي يجهلن حقوقهن الشرعية وكيفية المطالبة بها! ولن يفهم احتياجاتهن ومطالبهن إلا قياديات من جنسهن يدركن مواضع الجرح وكيفية التخلص أو التخفيف من آلامها.
والآن جميعنا بانتظار تطبيق تحذيره الكريم عندما قال: «لا مكان للمتخاذلين والمترددين في هذا العصر». فهذا التحذير الملكي رسالة قوية لكل من تسول له نفسه التلاعب بالصلاحيات الممنوحة له بحق كرامة وعزة المواطن السعودي وبالذات المستضعفين في الأرض من النساء والأطفال الذين يبحثون عن مساند لانتشالهم من ظروفهم الصعبة التي قد يعانون منها لأسباب مختلفة، لكن من أهم الأسباب التي يجب أن نحاربها جميعاً نساء ورجالاً وبعد هذه القرارات الملكية الأبوية الهادفة للتنمية الشاملة من خلال تمكين المرأة، بأنه لا بد أن نرفض أي تقاعس أو إهمال يسيء لتمكين المرأة صانعة القرار، أو أي فساد إداري يسعى إلى تهميش دورها الاجتماعي ولفكرها وعلمها، والتقليل من مكانتها كمواطنة قبل كل شيء بل ومحاربة كل فكر وتوجه يقوم على التصغير من شأنها لأنه تصغير لجيل بأكمله، لذلك شكراً وتقديراً لوالدنا عندما قال «فالمتخاذلين والمترددين لا مكان لهم بيننا أبداً».
moudy_z@hotmail.com