تتطلع الدوائر السياسية والاقتصادية والإقليمية والدولية وقبل ذلك المواطنون إلى سماع الخطاب الملكي الذي سيوجهه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مستهل بدء أعمال الدورة الجديدة لمجلس الشورى. فهذا الخطاب الذي اعتاد المواطنون والدوائر العربية والإقليمية والدولية التمعن في مضامينه وما يتناوله من محاور ومواضيع توضح مواقف المملكة ونظرتها لما يجري من حولها وما ترسمه من أهداف وبرامج وغايات تطمح الدولة إلى تحقيقها.
الخطاب الملكي الذي يؤشر لبدء أعمال مجلس الشوى، وكما هو معتاد في كل عام ومثلما يحصل في الدول المتقدمة، تحدد مضامينه المسارات التي تسير عليه الدولة والتي تسعى إلى تحقيقها لخدمة مواطنيها. ولهذا فهو بحق يحدد ويرسم معالم الطريق، ويوضح بجلاء مواقف الدولة وتوجهاتها اتجاه القضايا والمستجدات على الساحات العربية والإسلامية والدولية، إضافة إلى تسليط الضوء على ما ستشهده السنة الحالية التي يبدأ فصلها التشريعي من إضافات لدعم مسيرة التنمية من خلال إعطاء تصور عن المشاريع القادمة، وإحداث النقلة النوعية للتطوير والتحديث من خلال تحديث الأنظمة وتطوير لتحقيق الإصلاح المطلوب.
إعطاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إشارة بدء العمل للفصل التشريعي والرقابي لمجلس الشورى والحديث مباشرة مع أعضاء المجلس يُعَدُّ تفاعلاً عملياً ما بين القائد والمجلس والمواطنين، إذ إنَّ الخطاب الملكي وما يحمله من مضامين تُعَدُّ رسائل مهمة للأعضاء والمواطنين معاً، فمضامين الخطاب بقدر ما تحتويه من توجهات وما تتضمنه من أهداف وبرامج وغايات فإنها تُعَدُّ خارطة طريق لعمل المجلس الذي أصبح لتعاظم دوره وفعالية مؤسسة مهمة وركيزة أساسية من ركائز الدولة السعودية الحديثة، وقد تجلت أهمية المجلس وعمله في الإنجازات التي تحققت في السنة الماضية، السنة الثانية من دورته الحالية والتي تمثلت في إصدار 154 قراراً، منها 34 قراراً اهتمت في إصدار وتطوير وإحداث الأنظمة واللوائح، و51 قراراً خاصة بالتقارير السنوية، و66 قراراً بالاتفاقيات والمعاهدات. إن دور مجلس الشورى الآخذ بالتطور والتعاظم والمفعل لخدمة المواطن وصيانة مقدرات الوطن، قد تجاوز المفهوم الضيق لإبداء الرأي إلى آفاق أوسع لمسناه فيما قام به المجلس في السنوات القليلة الأخيرة، وأصبحت قراراته لها قوتها وإجراءاتها الدقيقة والمحكمة، والتي تصدر بعد دراسات ومناقشات عميقة. كما تمكَّن المجلس بعد تفعيل دوره من إنجاز العديد من الموضوعات والقضايا الوطنية المعروضة عليه، بعد أن أخضعها للدراسة الشاملة والمعمقة، وأصدر بشأنها القرارات المهمة، واقترح العديد من الأنظمة، وهو ما مكَّنه من القيام بدور فاعل ومؤثر في معالجة بعض القضايا الحيوية في مجتمعنا.
أما الجانب المهم والذي لمسه المواطنون، فهو تفعيل دوره الرقابي من خلال مراقبة أداء الجهات الحكومية، سعياً لرفع كفاءة العمل وتحسين الأداء.
وكان لما يدور تحت قبة المجلس انعكاسات إيجابية داخل المجتمع، بعد كشف أعضاء المجلس لبعض القصور في أداء بعض الجهات الحكومية، وكانت لمناقشات أعضاء المجلس دور هام في تحسين عمل تلك الجهات ومحاسبة المقصرين.
الخطاب الملكي أمام مجلس الشورى وقبل ذلك تشريف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومشاركته في اليوم الأول لعمل السنة الثالثة للدورة الخاصة لمجلس الشورى مؤشرٌ عملي على أن المملكة العربية السعودية السائرة على طريق التحديث والتطوير تعطي أهميةً ودوراً أساسياً للمؤسسات في الدولة للقيام بدورها المأمول للسير بالوطن إلى آفاق رحبة من التطوير والتحديث والتقدم، مع التمسك بالشريعة والقيم الأصيلة.