في تناولي لما حدث للسفارة السعودية في القاهرة، وحديثي عن ظاهرة الافتراش في الحرم المكي، عاتبني عليه زملاء صحفيون مصريون يعملون معنا، ولهم كل المحبة منا خصوصاً وأنني أعرف مدى حبهم للمملكة ولأهل المملكة.
ولهم أقول ولكل صديق يعتب، مذكراً بأنَّ الوطن يعلو على الصداقة وعلى الأخوة وحتى على النفس، وإلا ما ضحي الإنسان بورحه من أجل الوطن، ولهذا فمن واجب المثقف أن يقف مع وطنه والزود عنه عندما يتعرض للإساءة. وهل هناك أبشع من أن تُعامل سفارة المملكة العربية السعودية بمثل ما تُعامل به سفارة الكيان الإسرائيلي، إذ حاول نفر من الغوغاء إحراق سفارة البلد الذي أجزم وعن معرفة بأنَّه الأقرب والأحب لمصر.
الصحف المصرية نشرت أرقام المبالغ الذي «ضُخت في مصر» لخلق الفوضى وتحريض الغوغائيين وتأجير المرتزقة، وكشف وزير العدل المصري عن أرقام مرعبة لأموال قدمتها جمعيات وهيئات لدول عربية دُفعت لتيارات معروفة بتطرفها وغلوها، يعرف المصريون قبل غيرهم أن المملكة عانت من أفعالهم وتطرفهم، فهم الذين نفذوا أعمالاً إرهابية طالت الأبرياء، والمملكة وكل أهلها تبرؤوا منهم، وبذلت الجهات المسؤولة والجمعيات الثقافية والفكرية جهوداً لا تزال تتواصل لتنقية عقول من تأثر بهم من شباب المملكة، فكيف تدعم المملكة أعداءها الذين عاثوا فاسداً في أرضها. وإذا كانت دول عربية بعينها وبتأكيد وزير العدل قد فعلت كل ذلك، فلماذا لا يتعرض لها أحد، أم أن أموالهم وصلت إلى منظمات الفوضى التي قرنت هجومها على سفارة الكيان الإسرائيلي على سفارة أصل العرب, ومنارة الإسلام، وأكثر دولة محبة لمصر.
نعم نعرف ونعلم تمام العلم واليقين أن أغلب الشعب المصري -إن لم يكن جميعهم- يكنون للمملكة حباً لا مساومة فيه، إلا أنه لا يمكن إخفاء شذوذ يصدر جراء ارتباطات أيدلوجية منحرفة، أو ارتزاق مفضوح أكدته المصادر الرسمية المصرية. أما أن تُستغل أخطاء ترتكبها شركة طيران لعدم قدرتها على مواجهة تدفق طارئ ويُحَمَّل وطن بأكمله وتُهاجَم سفارة بلد أقرب البلدان لمصر، وتسعى شرذمة لإحراق السفارة، فهذا لا يقبله ولا يرضاه المصريون أنفسهم مثلما لا نرضى نحن أن يُضايق المصريون سواء مقيمين أو معتمرين، فنحن في النهاية بلد واحد لا يفصل بيننا سوى بحر نسعى أن يكون مملوءاً بالمحبة.
jaser@al-jazirah.com.sa