أن تكون صالحاً بذاتك باحثاً عن الحق والاستقامة، وعادلاً في تعاملك مع الآخرين فأنت ـ إن شاء الله - من المصلحين الاجتماعيين، فمن كان هذا نهجه في الحياة فهو في البداية قد كف شره عن الناس وهذا فرع من الإصلاح في المجتمع وهو الامتناع عن الإفساد ومحاولة منع الآخرين عنه، وهذا لا يتأتى إلا بالقدوة الحسنة، وان نبدأ بأنفسنا قبل حث الغير على ذلك، فليس من المروءة وأخلاق الإسلام أن نعتلي المنابر أو نتسابق باتجاه أضواء كاميرات الفضائيات نلقي الخطب والمواعظ والمحاضرات وبعد الانصراف نبيح لأنفسنا اقتراف بعض ما نصحنا منه وعنه من تجاوزات وأخطاء تحت غطاء من مبررات وتحليلات وتخريجات واهنة ضعيفة نقفز بواسطتها على الأحكام أو نستخدمها قناعاً يواري سوء أفعالنا أمام أنفسنا وننسى أن الآخرين يرون عيوبنا مهما حاولنا طمسها أو حجبها مؤقتاً، لا يكون المرء قدوة صالحة مساهماً في الإصلاح الاجتماعي إلاَّ إذا بدأ بنفسه ونهاها عن غيها وكبحها عن شهواتها ونهاها عن الميل والهوى وأمرها بالعدل وإنصاف الغير (حتى مع الخصوم )، فإذا سلك سبل الطهارة والصلاح في دنياه من أجل آخرته مخلصا نواياه لهذا الهدف، عند ذلك يبدأ التفكير في توجيه الآخرين إلى هذا الصراط ( بالحسنى والحكمة ) ومن ذلك ما قيل آنفاً في سابق الأسطر من تقديم الصورة الأنموذج للإنسان في قمة إنسانيته وسمو أخلاقه، وإن وصل في علو شأنه في هذا المجال ليلامس حدود المثالية ( وهي صعبة المرتقى ) فأحمد به وأنعم، وهذه مرتبة لن ينالها إلاَّ الأفذاذ من الأخيار, ولأننا بشر فلعل الثناء يشمل من يجاهد لفعل الخير ويحض عليه بأي صورة كانت وحسب مقدرته وما يملكه من أدوات، فما يتاح لإنسان قد لا يتاح لآخر, والعبرة بالوسائل والنتائج طالما أنها تقود للصلاح والإصلاح، قد يتخيل بعضنا أن وسائل الإصلاح والقدوة فيه لا تكون إلا في مشروعات يخطط لها وترصد لها الإمكانات وتوفر لها الأيدي المنفذة، أو في أعمال روتينية اعتاد البعض عليها في مواسم ومناسبات متكررة دون تطوير وتجديد لطرق أدائها وبرامجها بل تنفذ بأساليب اندفاعية عاطفية دون دراسة غالباً ، فمع ذلك يمكن أن نقدم أعمالاً بسيطة وفيها خير كبير للمحيط الأسري والاجتماعي، لا ينبغي أن نستقل أي لمحة إصلاحية أو مبادرة خيرة، حتى استخدامك للإشارة وأنت تقود سيارتك ذات اليمين أو الشمال فيه شيء من القدوة والإصلاح فماذا يعني إذاً الالتزام بقواعد الرور كافة أليس فيها خير وإصلاح ؟! وحين تشيع هذه المعاني وهذه المفاهيم في المجتمع بتأثير القدوة الصالحة فإن هذا باب من أبواب الإصلاح الاجتماعي، ولاحظ أن مثل هذه الفكرة على بساطتها لا تكلفنا قرشاً ولا ريالاً وهي جزء من مهمتنا وواجبنا في قيادة السيارة ومع ذلك فهي في إطار الإصلاح الاجتماعي، القدوة الحسنة كحديقة غناء واسعة ثمارها يانعة وأزهارها عابقة فلا تحتقرن من المعروف شيئاً في سبيل صلاح أسرتك ومجتمعك.