دائما ما أقول إنني لست اقتصادية ولا صاحبة تجارة، وأكثر ما أتحاشاه أن أتطرق لمواضيع اقتصادية أو أن أتابع سوق الأسهم أو أتاجر بها، ولكن بعض المواضيع تسوقك سوقا للحديث عنها؛ لاعتبارين، الأول: هو المواطنة والانتماء للوطن والاهتمام بمقدراته وأنظمته التي تحمي أبناءه. والاعتبار الثاني: هو إحساسي كأم وأنا الأكثر تفكيراً بمستقبلي ومستقبل أبنائي وحياتهم من بعد.
لفت نظري هذا الأسبوع موضوعان نُشرا في الصحف المحلية، الأول لحفل المعايدة الذي أقيم بغرفة الرياض التجارية، كثيرة هي الصور المنشورة، حيث تفحصت وجوه التجار بحضور وزيرهم، وجدتها وجوها عادية مواطنين مثلي مثلهم وأبناؤهم كأبنائنا جميعا، بعضهم قد يكونون من أقاربي وأقاربك. ولم أر في تلك الوجوه وأولئك «الهوامير» ما يدل على شراسة وشر وسوء مقصد، الطلة الظاهرة تدل على أنهم يحبون بلدهم كما أحبها ويعتزون بوطنهم كما أعتز به، ويحبون الخير لأبناء هذا الوطن، وينشدون الأمان والاستقرار والرفاهية.
الصورة الأخرى «النقيض» في موضوع نشرته صحيفة «الرياض»، وكشفت حيلة قد تمر مرور الكرام، حيث كانت ستُرفع أسعار عبوات المياه الصحية دون أن نشعر بها كمستهلكين ودون أن تُرمى اللائمة على عاتق أصحاب الشركات والمصانع، وما تبع هذا الموضوع من تفاعل سريع من وزارة التجارة هذا التجاوب وسرعة اتخاذ القرار يعطينا الأمل وقد نقول: إن الوزارة تغيرت وسنرى تعاملا منها في قادم الأيام غير ما رأيناه سابقا وعرفناه!
أعود لصور «هواميرنا»، أتأملها وأنا أتساءل هل هؤلاء وأقرانهم في المناطق الأخرى سبب معاناتنا أم أن لهم أشباحا لا تظهر؟ وهل الارتفاعات التي نعيشها بسببهم هم أم أن هناك أيديا خفية كالمستثمرين الأجانب هم من يتحكم بالأسواق وما هؤلاء إلا مواطنون مغلوبون على أمرهم؟
كثيرة هي الصور، وكثيرة هي التساؤلات. إلا أنني في المحصلة أراهم أشخاصا طيبين أو هكذا تظهر ملامحهم، ولكن لماذا لم يستغلوا مثل هذه التجمعات للحديث عن الارتفاعات واتخاذ موقف وطني لمحاربة الغلاء، وعدم سعودة الوظائف، ورفع سقف الرواتب، واتخاذ مواقف تخدم المجتمع، بدلا من الوقوف للتصوير فقط وتبادل الابتسامات، بيدهم الكثير بعد أن مدت لهم يد الدولة الكثير، وبيدهم أن يخففوا معاناة شعب كامل وأن يخلّصوا وطنهم من التكتلات الأجنبية.
لقد مللنا ولسنا بحاجة لاقتصادي متخصص حتى يشرح لنا المعاناة فأي ربة أسرة تسألها ستجيبك عن حجم ارتفاع السلع التموينية، وكل أم وأب يفكران بمستقبل أبنائهم. فأغلب الأسر بلا مسكن خاص لارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، والمعيشة غالية، والسياحة غالية، وحتى الماء أرادوا الوصول إليه لولا فطنة زميل صحفي قام بكشفهم في يومهم الأول، وموقف جرئ لم نعتده من وزارة تجارتنا.
نعيش هذه الأيام فرحة وطن، وأطالب بل أناشد أولئك المبتسمين في الصور أن يرأفوا بحال أبناء الوطن، فهم أبناء بلد طيب ولن يغلبهم الجشع إلى حد تعريض الأسواق المحلية للأخطار كما حدث في بعض الدول المجاورة، وهذا العشم.. وكل عام وهذا الوطن بخير.
www.salmogren.net