يخوض الفلسطينيون، وبخاصة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، تحدياً وصراعاً سيُحدِّد كثيراً من آفاق ومسارات حل القضية الفلسطينية؛ إذ إن التوجُّه إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية معركة ليست عادية؛ فهي وبكل المقاييس معركة شرسة وصعبة، أقدم عليها الرئيس محمود عباس ورفاقه وهم يعون تماماً حجم الصعاب التي سيواجهونها، وكم الأسلحة التي سيوجهها الإسرائيليون والصهاينة في الدول التي تدعم الظلم الإسرائيلي.
أول تلك الأسلحة محاصرة السلطة الوطنية الفلسطينية بتجفيف الأموال، حتى الأموال التي تستحقها، والتي ترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسليمها للسلطة، والتي تجبيها رسوماً على الواردات التي تدخل الأراضي الفلسطينية (المحررة)، وعلى ما يُصدَّر منها. هذه أموال مستحقَّة على الكيان الإسرائيلي، ويرفض الإسرائيليون دفعها رغم حاجة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى هذه الأموال؛ فكثير من الموظفين في الضفة الغربية وقطاع غزة يعانون عدم انتظام تسلم رواتبهم.
يتلكأ الإسرائيليون في دفع ما يجبونه من الفلسطينيين؛ لأن رسوم الجمارك التي تُفرض على الواردات يتحملها المستهلك الفلسطيني، والرسوم المفروضة على الصادرات ترفع من قيم السلع الفلسطينية وتقلل من فرص منافستها لمثيلاتها من صادرات الدول الأخرى.
وإضافة إلى رفض الإسرائيليين تسديد هذه الأموال توقفت معظم الدول العربية عن الالتزامات التي أعلنتها في مؤتمرات القمة العربية، ولم يُسلِّم الفلسطينيين ما يستحقون من دعم سوى المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي، أما الذين يصرخون ويدعون دعم الفلسطينيين فقد تخلوا عنهم حتى في هذا الوقت الحرج الذي سيزداد صعوبة في ظل تهديد الكونغرس الأمريكي بتقليص المساعدات الضئيلة التي يقدمها للسلطة الفلسطينية، ومن هنا تأتي أهمية الدعم الإضافي والمساعدة العاجلة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي تبلغ مائتي مليون دولار أمريكي؛ فهذه المساعدة تأتي في وقتها بالرغم من أن المملكة العربية السعودية لا تتأخر في تقديم ما التزمت به لمساعدة الأشقاء الفلسطينيين
هذه المساعدة الأخيرة بضخامة مبلغها (200 مليون دولار أمريكي) نأمل أن تكون حافزاً ودافعاً لباقي الدول العربية القادرة، خاصة أن السلطة الفلسطينية تواجه أزمة حادة من جراء تقليص الدول المانحة المساعدات المالية التي تُشكِّل ثلثي ميزانية السلطة الفلسطينية؛ ما تسبب في خلل في انتظام رواتب موظفيها.
قيادة المملكة العربية السعودية كعادتها أخذت المبادرة، وعلى الإخوة العرب والدول الإسلامية الذين يدعون دعم القضية الفلسطينية أن يحذوا حذو القيادة السعودية، وإلا فليكرمونا بالسكوت عن ادعاءاتهم التي مللنا منها.
jaser@al-jazirah.com.sa