منذ أن صدر الأمر الملكي بتعديل أوضاع معلمي ومعلمات المدارس الأهلية، وهذه المدارس تستعد بطريقة أو أخرى للمراوغة والتنصّل من تنفيذ الأمر الملكي، من توقيع المعلمات على عقود تنص على ألاّ يطالبن بأيّ زيادات على مرتباتهن، أو التحايل بتوظيف الجامعيات بشهادات الثانوية العامة، للبحث عن وسيلة تتمكن من خلالها الالتفاف على قرارات اللجنة المشكّلة لتنفيذ هذا الأمر الملكي الكريم.
رغم تقديرنا الكبير لكل ما تبذله اللجنة المشكّلة من وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية، لوضع سلّم رواتب جديد لمعلمي المدارس الأهلية ومدرساتها، لا يقلُّ فيه راتب المعلِّم السعودي أو المعلِّمة السعودية عن خمسة آلاف ريال، إلاّ أنّ شعورنا بقدرة القطاع الخاص على المناورة، واستعداده المبكر وحماسته لزيادة رسوم الطلاب والطالبات والكسب بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة، يجعلنا لا نتفاءل بما ستقرّره هذه اللجنة، بالتالي ستوضع شروط تعجيزية لتوظيف المعلمات والمعلمين، وعدم احترام نسبة السعودة المقررة، باللجوء إلى معلمات ومعلمين من جنسيات عربية مختلفة.
أقول ذلك لأنّ التجاوزات كثيرة في المدارس الأهلية، وممارسة الضغوطات على المعلمات والمعلمين لا تنتهي، من مطالبتهم بالعمل أيام العطل الرسمية دون اعتراض، وتهديدهم بالفصل عند الغياب أربعة أيام في العام دون عذر، وقصر العذر الطبي على مستشفى خاص واحد فقط في مدينة ضخمة كالرياض، رغم تعدُّد المستشفيات الحكومية وهي أكثر ثقة من المستشفيات الخاصة، وضرورة الخنوع لأوامر ملاّك المدارس كما لو كانوا يعملون بالسخرة في الألفية الثالثة!
فماذا لو قرّرت الدولة عبر وزارة التربية والتعليم، توظيف هؤلاء المعلمين والمعلمات مباشرة كمعلمي ومعلمات القطاع الحكومي، أي أن تدفع لهم مرتباتهم مباشرة وهم يعملون في المدارس الأهلية كدعم للتعليم الأهلي من جهة، وكعامل مساعد لخفض رسوم الدراسة في هذه المدارس، على أن يتم إيقاف الإعانات السنوية التي تدفعها الدولة لهذا القطاع، ويتم تحويل مساهمة صندوق الموارد البشرية إلى ميزانية التربية والتعليم ضمن بند التعليم الأهلي.
هذا القرار لو تم فعلاً، فستكون إيجابياته لكل الأطراف، فبالنسبة للمعلمات والمعلمين السعوديين سيكونون في أمان واستقرار وظيفي يفتقدونه عند توقيع عقودهم المجحفة مع هذه المدارس، وبالنسبة للمدارس الأهلية ستسد احتياجاتها من المعلمين والمعلمات السعوديات دون أن تدفع لهم شيئًا، وستكتفي بتكاليف المبنى والتشغيل، وبالنسبة لأولياء الأمور ستخفض رسوم المدارس التي قفزت إلى أرقام العشرين ألف ريال سنوياً، بعد أن كانت في أفق ستة الآلاف وسبعة الآلاف ريال قبيل سنوات قليلة.
هذه التجربة أعتقد أنها تم تطبيقها في دولة عمان الشقيقة، وحققت نجاحاً جيداً، على كل المستويات، ونحن أولى بتطبيقها خاصة مع مستويات التضخم المتصاعدة، ومع الأرقام الكبيرة للبطالة، خاصة بطالة المرأة، التي كشف برنامج حافر وجود مليون امرأة سعودية مؤهّلة للعمل يقفن في طابور البطالة!
في نفس الوقت لا يعقل أن تعمل السعوديات بمرتبات ألف ريال أو ألفين، أي أقلّ من مرتبات الخادمات الأجنبيات، مع أنهن يعملن في المدارس الأهلية تحت ظروف عمل لا تختلف عن عمل الخادمات كثيراً.