هو يوم يحمل دائما نفحة الفخر بما حققناه منذ توحدت أصقاع المنطقة في بلد تضاعفت موارده وطاقاته وقدراته وطموحاته. نقلة هائلة غيرتنا من منطقة صحراوية فقيرة يميزها عن غيرها احتواؤها كعبة المسلمين، إلى كونها الآن المصدر الأول المعتمد عليه لتوفير الوقود والطاقة المحركة تشغيل الصناعة في عالم صناعي.
كانت أيامنا وسنواتنا مرحلة نمو وتفاؤل - ولو رآها البعض متثاقلة بطيئة الحركة - فقد حققنا فيها الكثير, وما حققناه ولد المزيد من التحديات والطموحات, وأيضا وضّح تحديات التنمية المستدامة.
هذا العام بالذات يأتي يومنا الوطني في مرحلة زمنية معقدة بخلطة تفاعلات اقتصادية اجتماعية سياسية - و لا أعرف أين كان البدء - جاءت بما سمي الربيع العربي بكل اضطراباته وتضحياته ومآسيه. الحمد لله لم تجرفنا رياح الأحداث, ولا نداءات التصدع والتفرقة، وظلت العلاقة بين الوطن والمواطن علاقة محبة, ومسؤولية واجبات متبادلة. وإن ظل النجاح في القيام بالمسؤولية وتأدية الواجبات, لا يأتي دائما بأقصى ما يتمناه كل طرف من الآخر كحقوق له.
وما زالت التحديات؛ فعدا إشكالية تشبث فئات من المواطنين بموروث معتاداتهم قبل تكوّن الدولة الحديثة المتحضرة، هناك أيضا إشكاليتا النمو الكمي والكيفي. حيث تنامي أعداد المواطنين, وفئة الشباب بالذات, يضاعف على كاهل الوطن تقديم كل ما يحتاجونه من خدمات بمستوى متفوق لهم الحق فيها كمواطنين. بالإضافة تغيير الدنيا من حولنا, وثقافة المهارة التقنية, والتطور المذهل التسارع في الاكتشافات الجديدة والمهارات المطلوبة للنجاح في سوق العمل عالميا, يجعل من تأهيل الشباب لمرونة التعامل مع سوق متغير عالميا ومحليا مسؤولية ليست هينة.
لم يعد يكفي أن يتخرج الطلاب من الجامعات بوثائق ورقية تؤكد أنهم أمضوا العدد المحدد من سنوات التعلم على مقاعد الدراسة، فيضمن هذا توظيفهم في وظيفة حكومية مجزية, غالبا لا تتطلب أكثر من مهارة الكتابة والقراءة. وحتى المدارس والجامعات أصبحت قدرتها تتناقص نسبيا عن استيعاب ملايين من الطلبة من الجنسين وتأهيلهم بأفضل المرغوب فيه من مستويات الخدمة التعليمية.
تغيرت مواصفات النجاح والتأهيل ومتطلباته..
وتغيرت مواصفات العالم والعلاقة بين الدول فيه..
وتبقى رغبة المسؤول والمواطن أن تظل المسيرة إلى الأمام، وأن وأن نكون في الصدارة. ولكن تضاعف التحديات وتكاثر المعوقات وضعف خبرة المشرعين والمخططين والمنفذين، يجعل الإلتزام بتحقيق ذلك على أرض الواقع مساراً مليئاً بالمطبات. ناهيك عن النفوس الأمارة بالسوء والضعف أمام بريق فرص الفساد, حيث يزيد الأمر عسرا أن يستغل الانتهازيون مواقعهم لإستلاب المخصصات والفوائد وتفريغ الحسابات العامة لملأ حسابات مصالحهم الخاصة. ولذلك أتت بعض المشاريع على غير ما أملنا مخيبة للآمال ومغضبة للآخرين.
في هذا اليوم وبهذه المتغيرات, ماذا يتمنى المواطن الصدوق؟
أمنيات تتعلق بتنظيف مجتمعنا من الأنانية والاتكالية وتغييرها بروح المسؤولية والوعي أن الوطن حقوق ومسؤوليات للجميع.
وأن يتخلى بعض من كلفوا بمناصب مسؤولة عن أنانية تدفعهم إلى استغلالها في خدمة الذات والمقربين.
وأن يحملنا الفخر الجماعي بما حققنا إلى صقل مشاعر المواطنة لتتجلى حبا للوطن وتعاونا للعمل جميعا على تحقيق المزيد في مسير جماعية.
وإذا كان هناك من يشعر بأنه عومل كيتيم أن يحارب الشعور بالعجز والضيم؛ وأن يثبت للجميع أن نجاح الفرد بيده والوصول إلى الهدف مسؤوليته مهما تكاثرت في دربه الأشواك.
كل عام وأنتم والوطن وقادته بخير. ديمومة النجاح والاستقرار والأمن للمواطن، يضمنها أمن واستقرار ونقاء ونماء الوطن.