خيم الحزن على قلبي حينما قرأت حادثة عروس الطائف التي أطلقت النار على رأسها فأودت بحياتها فوراً بعد أربعة أشهر من الحياة الزوجية المريرة بسبب ما تعرضت له من تعذيب وضرب من زوجها، وهو ما دعاها للهروب عدة مرات إلى منزل والدها الذي لم ينصفها، مما جعلها تهرب إلى خالها الذي نشبت بينه وبين والدها خلافات بسبب استقباله لها في بيته. وعندما ضاقت بها الدنيا وشعرت بتضييق الخناق عليها وعدم وجود ملجأ لها إلا الله اختارت أوجع الطرق وأخطرها وأبعدها عن الشرع بعد أن أرسلت رسالتين نصيتين إحداهما لوالدها مفادها: (سامحني يا أبي) والثانية لشقيقها تقول فيها: (خذ حقي من زوجي) وهو ما يشير إلى معاناتها الشديدة من ظالمها ومعذبها. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم).
وبعيداً عن الجدل حول خطأ اختيارها الحل الصعب وقساوته على النفس حينما لم تجد أمامها وسيلة للأمن؛ فإن والدها يتحمل مغبة تصرفها ويحمل ذنبها. لأن الله شرفه وجعله ولياً ومسؤولا عنها، ولن أحمِّل الزوج أية مسؤولية لأنه لا تربطه بها إلا ورقة عقد صماء جوفاء جعلتها مملوكة له وأمَة عنده، وهو بالتأكيد خارج من نطاق الإنسانية ومتوغل مع الجمادات، وقد تعدى الحيوانية بمراحل لأنها ترحم وتحن على بعضها وعلى البشر! وعندما لجأت هذه العروس لهذا الحل فهي بلا شك قد جربت حلولا مختلفة على مدى أربعة شهور بدليل أنها هربت لبيت والدها عدة مرات فيعيدها للمجرم في تحدٍ صارخ لإنسانيتها وحقها في رفع الضيم عنها، ثم احتمت بخالها الحنون ولم تسلم من مضايقة والدها له، ولم يبقَ إلا الشارع والضياع! وقد يكون الموت أكثر رحمة من قلوب البشر! فالمرأة الحرة لا تقبل الضيم ولا هدر الشرف.
وإن لم يُصلـَح قانون الأحوال الشخصية ويُحفَظ للمرأة حقها في العيش بسلام وأمن وكرامة؛ فإننا قد نسمع أكثر من ذلك لاسيما أن المرأة أدركت أنها إنسان راشد في حكم الشرع وليست قاصراً، وبقي الحصول على حقوقها الوطنية والنظامية لأنها في نظر القانون والمجتمع لم تبلغ الرشد وهو ما يجعل زوجها يعاملها بصورة تصبح المنايا أمنيات بعدما تفقد احتواء أسرتها. ولم تنسَ تلك العروس حرقتها وضعفها حين طلبت من أخيها أن يأخذ حقها، ولا فائدة لطلبها بعد موتها! ولكنه طلب اليائس! وأرجو ألا يحقق أخوها أمنيتها وليترك العزيز القدير الجبار يقتص لها ممن ظلموها سواء مـَن عذبها أو مَـن لم يبلغها مأمنها. وإني لأدعو الله أن يعفو عنها ويرحمها ويعوضها شبابها في الجنة، فهي ستلاقي ربًا رحيمًا. وهناك تجتمع الخصوم، ذلك اليوم الحاسم الذي يقول الله عز وجل عنه:({وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}.
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net