الأستاذ محمد الكنعان من النجوم الشابة الصاعدة في الصحافة السعودية.. أحيا صيفنا بأربعة تحقيقات عن الصحوة والتنوير والفلسفة ثم السلفية.. ولفت نظري في تحقيق الفلسفة نقطتان أوردهما لأخي محمد وأختمها بسؤال.. آملاً أن يوفق في مجاله ويكون نجماً في سماء الفكر لكل جملة يكتبها وزنها وقيمتها.
في مدخل التحقيق عن الفلسفة تساءل عن إمكانية مراجعة الفلسفة «الإسلامية» وتهذيبها لتتفق مع الدين.. جملة كُتبت وكأنها تقول لصاحبها «دعني».. فإذا كانت الفلسفة إسلامية فكيف يمكن تهذيبها لتتفق مع الدين!.. إذاً هي ليست إسلامية.. أيضاً الفلسفة ليست قطعة أدبية يمكن حذف كلمات أو فقرات منها بل هي فكر ورؤية.. وهي بحد ذاتها شيء واحد متصل واقتطاع جزء منها أو تهذيبها كما وصف يبدل الفكرة ويغيرها إلى فكرة أخرى.. كان بودي لو اقترح الكاتب البناء عليها.. أما تهذيبها فقد طغت على أخي محمد روح الأيديولوجي لا المعرفي.
فهمت من التحقيق أن العلم والفلسفة والدين ثلاثي مختلف.. فالعلم تراكم المعرفة المكتسبة من التجربة ذات التطبيقات الواقعية الحية.. والفلسفة عملية تحليلية نقدية تقوم على تفحص المناهج والأدوات العقلية.. وهي عملية مرتبطة بالعقل المنتج للمعرفة وليس مضمون المعرفة.. والدين وحي من السماء قطعي يقيني خارج عن نطاق التجريب والاختبار.. وأن هناك من يرى أنه بشيوع المعرفة وثورة التقنية فإن مهمة الفلسفة قد انتهت.. بينما يرى آخرون أن الفلسفة ليس لها علاقة بالاستنتاجات بل بمنهج التحليل.. لذلك فدور الفلسفة هو حث الذهن على التفكير المنظم والخروج من طرائق التفكير التقليدية المعروفة. (انتهى).
كلام جميل ومنطقي لكن مع هذا فالتحقيق يوحي بأنه لا بد من سقوط أحدهما ليحيا الآخر.. وأنهما في صراع أزلي.. والحقيقة أن الصراع بين الدين والفلسفة صراع سياسي لا ديني ولا فلسفي.. ذهبت ضحيته المعرفة بل ذهب ضحيته الإنسان.
تم مؤخراً تداول (أيميل) عبارة عن مقطع من محاضرة لعالم أمريكي يحذر أمته من الوقوع فيما وقعت فيه الحضارة العربية والإسلامية.. وكان مدخله إلى ذلك أن أسماء الأبراج الرئيسية في علم الفلك هي إغريقية.. ثم تبعهم العرب وأبحروا في اكتشاف الفلك حتى أن ثلثي أسماء الأفلاك المعروفة اليوم هي أسماء عربية.. ولا غرو في ذلك - كما يقول - فقد سُمِي كل مُكْتَشَف بلغة حضارته.. واتبع: ثم خرج عالم اسمه الغزالي قبل ألف عام كَفَّر الفلسفة فحُرِّمت من قِبَل الحكومات المتعاقبة فسقطت الحضارة العربية والإسلامية حتى تاريخه فخسر العرب والمسلمون وخسر العالم من ورائهم.. ما رأيك أخي محمد؟.