ما الذي يجعل التطرف يكبر والحقد ينمو ويتسع..؟!!
أحد الأسباب التي لا أحد يغفلها هو دعم الظلم والتلكؤ في معالجة ما أوجده ذلك الظلم، فالإنسان يسعى إلى طلب المساعدة في رفع المظلمة والعمل بشتى الوسائل لاستعادة حقوقه ويقبل المساعدة من أي جهة حتى وإن كانت تلك الجهة لها مصلحة، وحتى إن كانت تستغل القضية لتنفيذ خططها. هذا بالنسبة للإنسان الفرد فكيف هو الحال بالنسبة للشعوب التي تصبح أكثر استعداد للتعاون مع من يساعدها حتى وإن كان ادعاءً.
من هنا يصبح المناخ متاحاً ومتوفراً لظهور الشعارات المضللة والادعاءات وإفساح المجال لقوى خارجية لاستثمار حالة النفور والغضب التي تمتلئ به صدور العامة، فالشعوب لا تتوقف كثيراً عند أهداف ممن يعرضون مساعدتهم حتى وإن كان ادعاءً فيكفيهم إطلاق التصريحات ورفع الشعارات، وهذا ما نراه بوضوح في القضية الفلسطينية، فقد جرى الفلسطينيون خلف ممن رفعوا شعارات الرفض والممانعة والصمود، ومع أن تلك القوى، دولاً وأحزاباً قد استفادوا من رفع شعار مساندة القضية الفلسطينية، وحصلوا على صراخهم الذي لا جدوى منه على مواقف عززت أنظمتهم وفرضتهم كمشاركين للفلسطينين في تقرير مصيرهم، إلا أن الفلسطينيين لم يكسبوا سوى مزيد من الفرقة وتشتت الموقف الفلسطيني بين المدعين بالصمود والممانعة، وبين ممن التزموا الواقعية وحاولوا توظيف الإمكانات الذاتية لهم وما يوفر العرب الآخرون من دعم سياسي واقتصادي، إلا أن هذه الواقعية والبرغمائية الفلسطينية تصطدم بالانحياز السافر للأمريكيين والتجاهل المريب للأوروبيين، وهذا ما يغذي معسكر المستفيدين من رفع شعار الممانعة الذين يوظفون الورقة الفلسطينية لتنفيذ مخططاتهم وأهمها توسيع النفوذ وبناء ركائز للتدخل في الشأن العربي عبر طرحهم المزيف بدعم القضية الفلسطينية دعماً ينمي نزعة التطرف الذي يغذيه بغباء انحياز الأمريكيين السافر للظلم الإسرائيلي واغتيال الطموحات والآمال الفلسطينية المشروعة.
هذا الوضع الشاذ وغير المقبول يدفع العرب الواقعيين الذين لا يزالون الأغلبية والأكثرية إلى مراجعة مواقف تلك القوى سواء الداعمة للظلم المفروض على الفلسطينيين أو على الصامتين الذين يكسبون كثيراً من علاقاتهم مع العرب التي تدر عليهم كثيراً من الفوائد لتنامي مصالحهم ومكاسبهم، وكذلك القوى التي تستغل القضايا العربية العادلة وتوظيفها لخدمة مخططاتها.
المرحلة القادمة تتطلب شفافية في التعامل وواقعية في وضع الأصدقاء والأعداء في المواقع التي يستحقونها من خلال تعاملهم مع القضايا العربية.
jaser@al-jazirah.com.sa