من المفاهيم «الخاطئة» كما أعتقد ربط «البطالة» بكثرة عدد السكان، بل إن معظم مخاوفنا الاقتصادية هي من كثرة عددنا, دوماً «ما نعزو» سبب البطالة في بعض البلدان إلى كثرة عدد السكان فيها وكثرة «الأيدي العاملة» وتناميها هناك.
هذا المفهوم بدأ يتلاشى عندي ويتغير بفضل ما قرأته عن جمهورية «ناورو» الجزيرة السعيدة والمبهجة « Republic of Nauru» الواقعة في أرخبيل «مايكرونيزيا» في النصف الجنوبي من «المحيط الهادي».
والحقيقة «المبهجة» في هذه «الجمهورية «التي لا تتجاوز مساحتها «21 كيلو متر مربع « أن عدد سكانها الذين يبلغون الـ»14.000 ألف نسمة» فقط، يعاني» 30 %» منهم من الإصابة بمرض السكر «IDF» و»90 %» يعانون من تفشي البطالة بينهم.!!
رغم اعتماد هذه الجزيرة على» الفوسفات» في اقتصادها والذي كانت «تنتجه» بكميات كبيرة قبل أن «تفلس» على ما يبدو!.
يا لهوي « 90 % «من السكان» بلا عمل» رغم أن عدد السكان «بالآلاف فقط» معقولة؟! هذا دليل قاطع على أن كثرة أي مجتمع لا ترتبط بنسبة العاطلين أو المرضى فيه وأن «الدبرة» والتخطيط السليم هو الأساس والمرجع في ذلك.
الغريب أن جمهورية «ناورو» هي الدولة الوحيدة بالعالم التي لا يوجد لها «عاصمة» أيضاَ.
كم تمنيت أن أرسل هذه المعلومات «للدكتور أحمد فؤاد» أستاذ التخطيط بالجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا الذي» أجرى» هذا الأسبوع «دراسة حديثة» نشرها مركز» أسبار للدراسات والبحوث» على موقعه الإلكتروني تتحدث عن تصنيف «العالم العربي» إلى ثلاث «فئات» تبعاً لتوقع «الوفاة» بين مواطنيه قبل سن «الستين عاماً» بين السكان وعددهم وارتباط ذلك بالبطالة, إلى آخره من «الدراسات» والنظريات التي تخيفنا من تنامي عدد السكان في مجتمعاتنا مثل نظرية «توماس مالتس» الشهيرة ونظريات أخرى بعده تدعو لتحديد وتنظيم النسل بمسميات مبهره مثل «تنظيم الأسرة أو التربية السكانية أو الصحة الإنجابية» وتربط ذلك بالغنى والفقر!.
قديماً كان «الرجل الشرقي» يفتخر بكثرة نسله وعزوته الذين يمشون خلفه، فترى سبعة أو ثمانية من الشبان الذكور «الأشداء» حوله وهو ما يبعث على الطمأنينة والاستقرار، واليوم بدأنا في التخطيط لإنجاح الأسر «صغيرة العدد» حتى تتاح فرص العمل والتكيف مع الظروف الاقتصادية الأسرية ومصاريف ومناحي الحياة الأخرى في مجتمعاتنا بشكل لائق.
وهذا برأيي خطأ «فادح» ترتكبه الأجيال الجديدة وحتماً سننقرض «يوماً» إذا ما استمر تفكيرنا بهذه الطريقة ولنا في الإخوة «الناورويون» خير مثال فعددهم لا يتجاوز «14 ألف» والبطالة «منسبه» عندهم ولا سوق الأسهم، بل أن أمراض السكر والسمنة والضغط «متفشيه» بينهم!!.
إذاً لنتكاثر ونعمر الأرض ونتلمس مفاتيح خزائن الخيرات التي بثّها الله هنا وهناك والرزق على الخالق.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net