كانت لدى الأنظمة العربية فرصة ذهبية وظرف ملائم للإصلاح، ووضع مؤسسات الدولة في موقعها ومسارها الصحيح، والاتجاه الديمقراطي، ذلك كان قبل عشر سنوات، وتحديداً وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
حيث كشف البحث في أسباب العمليات الانتحارية، والأوضاع الاقتصادية المتردية، وضعف حقوق الإنسان، والإقصاء من المشاركة، ووجد وقتها أن العنف والتنظيمات الإرهابية هي السبيل لتغير الأنظمة وإقامة الدولة الراشدة كما يتم تخيلها. فيما كانت دول عدة تطالب وتضغط للإصلاح وتطبيق الديمقراطية كأحد حلول أكبح جماح ثقافة التغير بالعنف.
إلا أن الأنظمة العربية استغلت تلك الأجواء في تشديد قبضتها الأمنية، والمزيد من التعطيل، وبالنسبة لها لم يحن وقت الإصلاح، وهو وقت لا يأتي أبداً.
وحتى بعد محاكمة صدام العلنية وإعدامه، نظر إليه كحالة منفردة، فيما اعتقدت الأنظمة القمعية أنها في معزل عن هذا التحول الجديد، ولم تحركها صور الجماهير وهي تركل تماثيله بالأقدام.
لكن كل حاكم، يرى أنه دكتاتور متميز أو ذكي، كلهم قالو نحن غير صدام، والعراق، إلا أن نفس الرؤية الضيقة المكابرة تكررت بشكل متسارع، مبارك قال إنه غير بن علي، وكذلك قال القذافي، وردد الأسد نفس الحكاية، وصالح يعتبر اليمن حالة خاصة، لكن الثابت أن المصير واحد بل هو يشتد سوءاً.
قبل عشر سنوات (لو) -فكرت تلك الأنظمة الساقطة والمهترية- وتلك التى تسير نحو الهاوية ببعض الإصلاحات البسيطة والمتدرجة، لما وصلت إليه من سجن ومحاكمة وتشريد وانتظار مجهول، أو قادم غير مستقر، وقد تبقى رموز وطنية -ثرية- معززة في بلادها.
اختارت التعطيل للحياة العامة واحتكارها عبر حزب واحد وانتخابات مزيفة، سلطة سياسية وتنفيذية تم تفريغها، وسلطة قضائية يمكن توجيهها وإرهابها، وسلطة تشريعية مهمتها شل الدستور وإخضاعه لإرادة الدكتاتورالأعلى. فيما السلطة الرابعة -افتراضاً- الإعلام- متفرغة لمصالحها وبعد أن تم تكميمها وتخصيصها للدعاية السياسية السمجة.
كيف لمن يفكر أن يعتقد أن أنظمة بهذه التركيبة يمكن لها أن تبقى، وهي فارغة تماماً من أي قيمة للدولة؟
الحقيقة أن التاريخ كان كريماً مع تلك الأنظمة، منحهم وقتاً ووقتاً مستقطعاً، وحين حانت لهم فرصة الإصلاح لم يهتموا، لذا جاء السقوط مدوياً بعد عشر سنوات طويلة...