فاصلة:
(( ليس من مذنب مبرأ أمام محكمته الخاصة))
- حكمة لاتينية -
من الممكن أن تهرب من كل شيء... من الأماكن... من الناس الا من شيء واحد لا يمكنك الهرب منه، لا يمكنك الهرب من نفسك مطلقا.
الذين يغادرون المدن يحسبون أنهم تركوا وراءهم حبيبا خدع او صديقا غدر، يصلون إلى المدن الجديدة، ويجدون انهم لم يتركوا شيئا خلفهم فالذكريات والوجوه سافرت معهم.
والذين يؤنّبهم ضميرهم لأخطاء ارتكبوها يحسبون أنهم اذا انشغلوا بالعمل او سافروا إلى أبعد المدن أو استعملوا المهدئات والمنومات ليدخلوا في غيبوبة النوم أنهم بذلك فروا من أخطائهم الا انهم يلاقون الضمير -وان كان نائما- فإنه لا يستغرق في النوم طويلا ولابد من إفاقة ولو بعد حين.
الهروب من مواجهة انفسنا هو أخطر من الهروب من مشاكلنا..من المواقف الصعبة التي مهما أجّلنا مواجهتها فإننا نجدها تقترب منا أكثر.
كل المواجهات يمكن ان تكون أسهل من مواجهتنا لأنفسنا لأن هذا يحتاج قدراكبيرا من الشفافية والعدالة مع أنفسنا قبل ان تكون مع الآخرين.
ورغم صعوبة المواجهة على بعض الذي لم يعتدها بسبب تنشئته الاجتماعية وخوفه من أخطائه وعدم تحمله للمسئولية الا انها تظل اسهل من مواجهة الضمير.
لذلك الهاربون لا يفرّون من جروحهم فهي لا تندمل الا بتنظيف الجرح وتعقيمه مهما كان مؤلما، والهاربون من اخطائهم فهي في داخلهم لن تغيب عن ضمائرهم ولن يغفروا لأنفسهم الا اذا استطاعوا مواجهتها مهما كانت المواجهة قاسية فلا أقسى من محكمة الضمير النهائية.
nahedsb@hotmail.com