حين تتيح لنفسك أن تتأمل كلَّ فضاء أمامها.. وتتعرف ما يشغله، فإنك تقترب كثيرا من حقيقتها...
ويغدو القرب من حقيقة النفس صولجانا يطرق تفاصيلها، ويدكُّ حجراتها، ويتفقد أثاثها، وتبدأ في التفكير:
متى، وكيف أجدد مافيها..؟, وكيف ومتى أعيد ترتيب ما تبعثر فيها.., أو فُقد منها..؟، وأضيف إليها ما تبخر من الكثير الذي اقتنيته لها في رحلة الوقت الممهورة به لحظاتها.., وثوانيها, ودقائقها، وساعاتها,..
أي أيامها التي طافت، وزمنها الذي مضى..، ليتهيأ لها زمنُ قائمٌ, حاضرٌ.., وآتٍ أكثر ملاءمة للضوء حين تنفرج لها النوافذ.., وأنسب لحركة دولاب نبضها مع ما حولها حين أعيد ترميم أبوابها ؟...
إنك ستتذكر بأن نفسك عالم بذاته..
وإن التعرف عليها وصول لها ماتع وشيق..
والوصول لها هو مكسبك الأثمن..،
وفرصتك الأوسع لحياة أكثر سلاما، وجمالا، ونجاحا...
ربما تتغير كل مواقفك من الحياة، حين تغير ترتيب حجرات نفسك وأثاثها..
ربما تضيف فيها منفذا لشمس الحقيقة الأكبر, حين تجدها كانت مغلقة عليك وحدك، وعلى ما فيك..،
بل ربما تجدك أصدق في التعرف عليك, حين تكتشف أنك لم تكن تعرف نفسك تماما..,
فتعيد ما أفقدتها بجهلك عنها, إليها..
وتضيف لها ما قصرت في تقديمه لها, حين غفلة عنها..
وربما تجدك كنت نائيا كثيرا عمن حولك..، فتزيح الستار،..
وتقض الجُدر..،
وربما تقيم جُدرا جديدة.. بألوان أكثر ملاءمة لحاجة نفسك للسكون...,
وقتها تكون عزلتك أعمق.. لكنها أجدى.
ولأن كلمة «ثورة « أصبحت ضمن قاموس الحديث اليومي, في أفواه البشر..،
فمن الأجمل، أن تكون ثورة المرء على نفسه،
ليعيد لنفسه انتباهتها، ويعمل على صقلها..، وإمدادها..,
والعناية بها من جديد..
جميل أن يعمل الإنسان على مكنونها، من أجلها..
قبل أن يتحدث عن الآخرين, وهو في منأى عن ذاته..
فالعمل على النفس جهاد.. وقد عُلِّمنا هذا..
وعرفنا أنه أشد قسوة..،
فاكتشفنا أنه أنجح مكاسب..
وأقل خسائر من أي عمل آخر..