|
الجزيرة- محمد الخالدي:
توقع اقتصاديون تزايد خروج شركات الوساطة من السوق المحلي، في ظل تراجع الأسهم وعدد المستثمرين 92% خلال السنوات الماضية، وقال المحلل الاقتصادي عبد الحميد العمري: لا شك ان عدداً من الشركات باتت أمام خيارين، إما أن تتقدم بطلب سحب الترخيص، أو أن الهيئة تقوم بسحب الترخيص لأنه خلال الثلاث السنوات الأخيرة ومع زيادة المخاطر في الأسواق وانخفاض إقبال المستثمرين وتنامي المستثمرين المنسحبين من السوق، فإن خروج بعض شركات الوساطة من السوق بات واقعاً، وأضاف: الآن لا يتجاوز عدد المستثمرين 8% من عددهم في 2006، فالسوق بصورته الحالية سيحدث تراجعاً في دخل شركات الوساطة. ورأى العمري ان الاندماجات قد تكون حلاً آنياً فقط، حتى تتفادى هذه الشركات الإفلاس وتوقف أعمالها، أو يعطيها مهلة من الوقت حتى تتكيف مع الوضع، ولكن ليس هو الحل الجذري للمشكلة. مشيراً إلى أن المشكلة سببها إحجام المتعاملين عن السوق وتراجع أعداد الداخلين إليه، فهذه هي المشكلة الأساسية، إضافة الى تداعيات الأزمات المالية العالمية. وكذلك الإدراجات الأخيرة وهي 71 شركة منها فقط 3 أو 4 شركات يمكن أن تكون أرباحها مميزة –، أما البقية فأرباحها انخفضت بعد الإدراج، أو أنها تعرضت لخسائر هائلة وصلت الى درجة انسحق فيها رأس المال وحقوق المساهمين. وتابع العمري: إذا قارنا بين أرباح الشركات في 2005 و 2010 نلاحظ أنه لم يزد إلا مليارا فقط، وهذه الزيادة جاءت من الشركات المدرجة قبل 2005، فهناك 69 شركة مدرجة لم تزد أرباحها في السوق على 1.2% مقابل زيادة في عدد الأسهم المدرجة بأكثر من 33%، وهذا رسم صورة استثمارية هشة وضعيفة للسوق المحلي مقارنة مع الأسواق الأخرى، فعلى سبيل المثال السوق التركية ارتفعت أرباحها الى أكثر من 200% مع ارتفاع قيمة المؤشر 200% ايضاً ومكرر الأرباح أقل من 11%، مبيناً أن مكرر الأرباح في السوق السعودي من 12% الى 14% ولن يخرج من هذه الأزمة ألا بزيادة الأرباح وبزيادة جاذبية الاستثمار. وكل هذه المشاكل والمخاطر أكثر من يواجهها شركات الوساطة المالية، لذلك من الطبيعي في السنتين الأخيرتين أن نرى جزءاً من الشركات تخسر أو تفلس وتتوقف عن العمل وتنسحب.
من جانبه قال المستثمر في شركات الوساطة عبد الله الفوزان، إن شركات القطاع تواجه تحديات جسيمة ترتبط بعوامل كثيرة داخلية وخارجية، ومن أبرزها ندرة الموارد البشرية القادرة على تقديم منتجات وخدمات استثمارية بطريقة احترافية وعادلة، بعيدة عن تعاملات أطراف ذات العلاقة، وكذلك فإن هذه الصناعة ترتبط بالمناخ الاستثماري العام في الداخل وما يتأثر بعوامل في مجملها خارجية تضغط على المتعاملين والمستثمرين بالإحجام عن الاستثمار أو المتاجرة في الأوراق المالية والاتجاه إلى الاحتفاظ بالنقد أو الاستثمار المباشر وبشكل منفرد في أصول عقارية، وتترقب استقرار الأسواق العالمية واقتصادياتها بشكل عام. وفي الأخير فإنّ هذه الصناعة ترتبط بالوعي الاستثماري لدى الأفراد، ومدى إقبالهم على جهات مهنية مختصة قادرة على إدارة استثماراتهم بطريقة احترافية، حيث نلحظ أننا مازلنا في بداية الطريق لإقبال الأفراد على شركات الوساطة طلباً للمشورة أو الإدارة. وعن تأثير الأزمات العالمية المتعاقبة على شركات الوساطة المحلية، قال الفوزان: بلاشك تأثيرها كبير جداً لارتباط سوقنا المحلي بها أو على الأقل ارتباطه نفسياً باتجاهات أسواق العالم، مما أدى إلى عزوف الكثير من المستثمرين عن أغلب الأدوات والمنتجات الاستثمارية، وبالتالي تدنت إيرادات معظم شركات الوساطة ولعل هذه الإشكالية قد رسخت نضجاً مبكراً لدى عدد محدود من شركات الوساطة، وأعادت ترتيب أوراقها للتكيف مع ظروف السوق المحلية وتأثره بتقلبات الأسواق العالمية.
وعن مستقبل شركات الوساطة يراهن الفوزان بأنه سيكون زاهراً لعدد محدود منها في ظل نمو الوعي الاستثماري لدى الأفراد واتجاههم طواعية لمثل هذه الشركات، مع ثقتنا بتوجه هيئة السوق المالية بفصل الشركات التابعة للبنوك عن البنوك، فصلاً كاملاً لتكون هناك منافسة عادلة ودعا الفوزان شركات الوساطة الى تطبيق أحدث المعايير تستطيع البقاء والصمود في العمل بهذا القطاع. وأضاف: لا أعتقد بأن الاندماج هو الحل الأنسب، لأن هذه الشركات تعمل برؤوس أموال محدودة وقد لا تحتاج جزء منها، وليس لدى أغلب الشركات شبه المتعثرة قاعدة عملاء أو منتجات، لتكون طرفاً مغرياً لأي عملية استحواذ أو اندماج.