قد لا تتقاطع خطوط حياتك معهم بشكل مباشر، لكنك تراهم وتسمع عنهم، وربما تتابع أعمالهم أو أقوالهم، ثم تأتي الحقيقة الثابتة أن كل من عليها فان، ليرتحل هؤلاء تباعاً، فتموت في روحك مع كل رحيل ورقة خضراء، ليذكرك تساقط أوراقك الخضراء أن المسألة مسألة وقت ليس إلا لتشرب مما شرب منه من سبقك.. فلا تدري وأنت تسمع عن موت هذا أو ذاك، هل ترثيهم، وتتحدث عن موتهم؟ أم ترثي روحك بتناقص أوراقها الخضراء التي تذكرك بما تحرص أن تتناساه؟...
نحن نتألم بلا شك عندما نسمع عن موت أحدهم، لأن الموت بحد ذاته مصيبة كما وصفها ربنا سبحانه، ولأننا أيضاً نحب ونفقد من يغيبة الموت عنا، لكن السبب الرئيس لبكائنا هو هذا الصوت المؤلم في أعماق أرواحنا، الذي يحدثنا دون توقف أن الطابور الذي نصطف فيه قد نقص واحداً، وقربنا بهذا أكثر من نهاية نحاول عبثاً الهروب منها..
أحياناً والأمر هكذا لا يكون للرثاء معناً.. فحرقة فراق عزيز لا تبردها كلمات نقولها، نتذكر فيها مواقفه ونعدد مناقبه، والأهم أن الغالي الذي فقدناه لا يسمع ما نقوله عنه، ولا يهتم به، فهو في شغل عظيم عنه وعن كل ما نحن فيه، وأيضاً لأننا نخلط في الرثاء بين من ارتحل وبين هاجس أن نرتحل، فتكون كلماتنا الجميلة عنه وعما تركه من فراغ في نفوسنا، أهم وأسهل وسائل الهروب التي تسلينا عن حقيقة نتجاهلها ونطاول الأمل في ألا تكون قريبة.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com