Saturday  03/09/2011/2011 Issue 14219

السبت 05 شوال 1432  العدد  14219

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

بنيتنا التحتية بين إرادة الدولة وقلة خبرة المنفذين
عبدالعزيز محمد الروضان

رجوع

 

قبل أن أخوض في غمار هذا الموضوع الحيوي الهام أحب أن أذكر شيئاً هاماً جداً ألا وهو إن دولتنا الرشيدة، أعزها الله وحفظها من مكر كل ماكر وحسد كل حاسد، وأمدها الله بعون وتوفيق منه.. فإنها تفتح خزائنها على مصراعيها من أجل راحة كل من يدب على تراب هذا الوطن الغالي الذي يسير بمجده العالي إلى الأعلى، فلهم من كل مواطن غيور الشكر والعرفان.

وإن من جهود دولتنا أعزها الله أنها أرادت أن نملك بنية تحتية متينة لا تقبل التقادم والتخريد، فهذا مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ما فتئ قائماً قاعداً يوصي من تسند وتوكل إليه تنفيذ هذه البنية أن يكون على قدر المسؤولية عبر توصياته الحكيمة لرجالات الدولة ومسؤوليها.. وأن بنيتنا التحتية يوكل تنفيذها عادة إلى مؤسسات وشركات وطنية من أجل أن تعود مكاسب ودخل هذه البنية إلى جيوب مواطني هذا البلد فيكون (سمننا في دقيقنا)، وهذا الأمر حسن بجملته، ولكن الشيء الملفت للنظر أن هذه الشركات والمؤسسات أحياناً تفتقر إلى شيء هام وهذا الشيء هو الخبرة التي عادة يجب أن تكون حاضرة في مثل هذه الأعمال والتي هي بحاجة إلى جوانب هندسية وفنية دقيقة، وحيث إن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى كوادر فنية مؤهلة، فإني والحالة هذه أشهد غياباً منقطع النظير في مثل هذه الكوادر، فالخبرة والمهنية في تنفيذ مثل هذه المشاريع الهامة يجب أن تبقى حاضرة عندما توكل هذه المهام إلى هذه الشركات والمؤسسات، وطالما أن نفع البنية التحتية تشاركنا فيها الأجيال اللاحقة، فنحن مسؤولون أمام الله أن نقدم لهم شيئاً ينفعهم، وهذا هو دائماً شأن البنية التحتية فإن مخرجاتها طويلة المدى، وعوداً على قضية الخبرة الطويلة والمهنية الحاذقة فإن هذه الشركات والمؤسسات عادة توكل إليها بعض الأعمال في مشاريع البنية التحتية وهي خالية الوفاض من الجوانب الهندسية الدقيقة، هذا فضلاً عن عدم الخبرة المتراكمة في مثل إنشاء المشاريع!! وإني هنا لا أريد أن أسيء الظن وأدخل في صميم النوايا ولكني أقول إن مثل هذه الشركات والمؤسسات هي عادة لم تشب عن الطوق وأنها طرية لم يشب عودها بعد، إني أعتقد جازماً أن هذه الشركات إن شاء الله تملك حساً وطنياً يخولها لإسناد هذه الأعمال لها، ولكن هذه الشركات والمؤسسات أعتقد جازماً أنها ما زالت في طور النمو، وأنها غير قادرة للاطلاع على مثل هذه المسؤولية الجسيمة، إن أي عمل يسند إلى أي شخص لابد أن يتوفر عنده شيئين الأمانة والقوة، كما قال تعالى في وحيه الطاهر: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (26) سورة القصص، وحي ثأني أثق تمام الثقة أن هذه الشركات والمؤسسات إن شاء الله أمينة، فإني أحسب أن ما ينقصها هو عنصر القوة، ولا أقصد هنا بالقوة - القوة المالية ولكني أقصد بها القوة المهنية والهندسيةفإني أجزم جزماً لا يعتريه شك أن هذه المؤسسات والشركات تفتقر إلى أشياء هامة هي من صميم إعداد هذه المشاريع وهي الخبرة والجوانب الهندسية، كما قلت سابقاً لأني أرى أن هناك شركات بسيطة التكوين تقوم بإنشاء مشاريع صعبة كشق الطرق وإنشاء الجسور وهي لا تملك الوسائل ولا الأدوات التي تمكنها من القيام بمثل هذه الأعمال، لأني أعتقد أن الشركات والمؤسسات القوية عندما يرسى علها مشروع ما فإنها تبيعه إلى شركة أقل منها جودة ومهنية، وهذه الشركة الصغيرة لا تملك الوسائل الفنية ولا الأدوات الهندسية التي تخولها للقيام بهذا الدور الجسيم، وإني هنا في مقالي المتواضع لا أحبذ أن يكون مجرد دغدغة لمثل هذه الشركات والمؤسسات ولكني سأعرج فيه على ذكر شيء هام ألا وهو: إن العالم الغربي اليوم قد وعي وأدرك أن الغش وعدم الأمانة في أي منتوج حضاري منظور وغير منظور بات من مخلفات الماضي، فالغرب قد وعي أن الغش يعود عليهم بالخسران، ومن ثم علموا أن الأمانة وسلامة المنتج من العيوب يفضي بهم إلى مكاسب مالية، كما أنه يخلق لهم عملاء كثر، لأنهم أدركوا أنهم إذا غشوا المستهلك أياً كان نوعه فإنه حتماً سيصرف النظر عنهم، إن سلامة الناتج الحضاري اليوم عند الغرب من العيوب بات من المسلمات التجارية، وقبل أن يدرك الغرب هذه الحقيقة فأديان الله السماوية أدركتها قبلهم، وإن الدين الإسلامي أوصانا بعدم الغش في أي ناتج حضاري منظور وغير منظور، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (من غشنا فليس منا) ولكن مع الأسف الشديد على الرغم من أن الغش والتدليس وإخفاء غيوب السلعة من الأشياء التي حرمها الإسلام فإن أبناءه ما زالوا يقبعون وراء ركام من الأشياء التي يعيبها الإسلام، كالإخلال في مواصفات أي عمل تجاري. وعوداً على بدء إنه يوم كانت بنيتنا التحتية بالأمس توكل إلى شركات عالمية فإننا نرى بنيتنا التحتية قد قاومت الزمان والمكان، فكم من طريق عبدته تلك الشركات أحفت رجال الآباء والأجداد وما زالت تحفي رجال الأبناء، وإني أحياناً أمر على بعض تلك المشاريع التي أوكلت إلى شركات أجنبية ولها عقود من الزمن فإني أراها شامخة تقاوم الزمان والمكان كأنها أصلحت من عهد قريب، ناهيكم عن جمالها الهندسي، وهذا هو عكس ما نراه اليوم فكم من مشروع يوجد على أطرافه النهائية تلك العدد التي تقوم بإصلاحه وهو لم يدشن بعد وفي نفس الوقت نجد أعمال الصيانة على الطرف الآخر!! إني اقترح والحالهذه إذا لم نستقدم شركات عالمية فإنه يكون لزاماً علينا أن نأتي بخبراء يشرفون على أعمال الشركات المحلية عندنا إذا رأى المنظم أنه يجب أن تكون دخول هذه المشاريع لمواطنينا ولا تنصرف إلى غيرهم من الأجانب؛ فلا أقل من أن يشرف عليها خبراء عالميون يملكون الخبرة.

وختاماً كم أثلج صدري وأثلج صدر كل مواطن أن مولاي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- ذهب ليشدد على الإخلاص في السر والعلن وقال لمثل هذه الشركات والمؤسسات: إن غابت عيوننا فعين الله لن تغيب، وإن غاب رقيبنا فرقابة الله عنكم لن تغيب.

حفظ الله لنا ملكينا ونائبيه وجعلهم ذخراً لنا وحماهم من كل مكروه وجعلهم ذخراً للإسلام والمسلمين آمين.. والسلام.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة