إننا نحمد الله تعالى ونشكره على نعمه التي تترى، ومن هذه النعم التي يجب شكرها هي تلك النعمة التي حبانا الله بها حيث قيض لنا شعب المملكة العربية السعودية ولاة أمر حريصين على كل ما من شأنه خدمة هذا الوطن ومواطنيه، ومن تلك الأشياء التي جادوا بها علينا هو أنهم فتحوا في كل منطقة من بلادنا العزيزة جامعة أو جامعتين أو أكثر - فتسنى لفلذات أكبادنا الدراسة الجامعية وهم بين ذويهم قد استراحوا من عناء الاغتراب والسفر هنا وهناك..
إذا فالتعليم العالي في بلادنا والحالة هذه قفز قفزات كمية ونوعية في وتيرة متسارعة، فخرجت لنا تلك الجامعات أفواجاً من الخريجين في مختلف التخصصات العلمية، وهذا السبق يحسب للقائمين على وزارة التعليم العالي، ولكن الشيء الملاحظ هو أننا نشهد أن هناك بعض التخصصات التي زادت عن حاجة الوطن بقطاعيه (العام والخاص) وأن سبب هذه الزيادة المطردة في بعض التخصصات سبب يعزى لارتفاع في مرتبات بعض التخصصات، ومنها على سبيل المثال تلك التخصصات التي تفضي بصاحبها إلى التدريس أو غيره.. وهذا السبب ليس من مسؤولية وزارة التعليم العالي، وإنما هو مسؤولية جهات أخرى، ولكن السبب الذي مسؤولة عنه وزارة التعليم العالي هو وضع الشروط أمام بعض التخصصات، وكما هي العادة الإنسانية فإن كل شيء تمنع منه ترغبه، فمتى ما رأى المتخرج من الثانوية العامة أن هناك شروطا توضع أمام تخصص ما فإنه والحالة هذه يرى أن هذا التخصص ما منع منه إلا أنه تخصص جيد - وإن كان لي اقتراح حيال ذلك فهو أن تكون الكليات والتخصصات أيا كان نوعها مشرعة أمام كل راغب يريد هذا التخصص أو ذاك دون أي قيود تذكر، وطالما أن التخصصات في الكليات هي سلع كأي سلع يحكمها قانون العرض والطلب الذي دائماً يكون في حالة توازن كما يقول منظرو علم الاقتصاد، فعلماء الاقتصاد يقولون: إن هناك يدا خفية تجعل السلع في حالة توازن، وطالما أني أقول ربي الله فإن تلك اليد الخفية التي يقول عنها علماء الاقتصاد فإني أقول: إنها يد الله، وعوداً على بدء كم من طالب التحق بتخصص ما وهو لا يملك ميولاً علمية إليه، ولكنه التحق به تحده تلك الشروط ليس - إلا ومن ثم فإن هذا الطالب أو ذاك يقحم ونفسه بدراسة هذا التخصص بدون ميول علمية تذكر!! ويتأتى من ذلك شيئان: الشيء الأول/ أن الطالب الذي يلتحق بتخصص لايميل إليه فإن مخرجاته هزيلة، أو أنه سيترك هذا التخصص ويلتحق بالتخصص الذي يريد بعدما رأى نفسه أنه لا يستطيع المواصلة في هذا التخصص، ومن ثم يكلف الدولة تكلفة مالية ومعنوية.. الشيء الثاني/ كم من طالب كانت لديه ميول علمية بهذا التخصص أو ذاك وأنه سيبدع فيه لو دخله، ولكنه لما رأى تلك الشروط أمام تخصصات أخرى ذهب إليها وترك التخصص الذي يوافق ميوله، وإذا كان كل طالب سيلتحق بهذا التخصص من هذا التوجه فإن مخرجات التعليم العالي ستكون هزيلة..
وسأذكر شيئاً مهماً لا يمكن إغفاله - طالما أننا نرى أن في التخصص (س) وفرة فإننا سنراه بعد زمن طويل في التخصص (ص) ندرة.. فكما كنا بالأمس نشهد تخصصاً نادراً نرانا اليوم نشهد فيه كثرة ووفرة، وعلى سبيل المثال ألسنا اليوم مثلاً نرى وفرة في تخصص التاريخ فإننا إذا اتبعنا هذا القبول في التخصصات فإننا سنشهد فيه ندرة في الغد، ما أريد أن أخلص إليه في اقتراحي هذا هو أن يكون القبول في الكليات والتخصصات ينساب بشكل طبيعي دون التدخل في حركة سوق الكليات أو التخصصات.